أرى خلل الرماد وميض نار ... وأخشى أن يكون لها ضرام
فإن لم يطفها عقلاء قوم ... يكون وقودها جثث وهام
أقول من التعجب ليت شعري ... أأيقاظ أمية أم نيام
فإن كانوا لحينهموا نياماً ... فقل قوموا فقد حان القيام
بهذه الأبيات سار كتاب نصر بن سيار والي خراسان إلى مولاه أمير المؤمنين مروان بن محمد. وكانت الدعوة للرضا من (آل محمد) تسير بنجاح في أنحاء دولة العروبة لاسيما في خراسان موطن الفرس الذين تغلي صدورهم حقداً على بني أمية. ألم يدعوهم (الموالي) إدلالاً عليهم بالسيادة العربية؟ ألم يقصوهم عن المناصب الرفيعة ضناً بها على غير العرب؟ لينتقم الفرس إذن وليهتبلوا الفرصة وهاهي تي قد حانت. إن العرب منقسمون على أنفسهم إلى هاشميين وأمويين كما انقسموا في السقيفة إلى مكيين ومدنيين فليضربوا هؤلاء بهؤلاء عسى أن يذهبوا فينفسح الطريق لعودة المجد السليب.
بث الفرس الدعوة لبني هاشم عساهم إن آل الملك إليهم عرفوا لهم صنيعهم وأثابوهم عليه نفوذاً حرموه، وجاهاً ولى حين آذن القدر شمسهم بالمغيب.
وأنضم إلى الفرس ربيعة واليمن ولم يبق مع بني أمية إلا المضربون. وكان مروان خليقاً بالقضاء على الثورة والانتصار عليها كما انتصر معاوية على أبطال صفين لولا أنها اندلعت في كل مكان فهي تمور.
إذن حان القيام كما قال نصر بن سيار فأرسل الخليفة الجيوش إلى أطراف الدولة لتطفئ الفتنة وتقر السلام.
وسار الجيش الرئيسي إلى خوزستان جيش لهام لا تتبين العين جنوده من العثير المثار. وما إن دخل الأهواز عاصمة خوزستان حتى ألقى الرعب في القلوب قبل أن تقتضي السيوف وتفوق السهام وتشرع الرماح.
وسر الخليفة إذ اطمأن على هيبته وسلطانه في ملكه وفرح الجنود إذ كفاهم الله القتال. ورجع القائد بجيشه بعد أن ترك قوة تقمع من تحدثه نفسه بالوثوب.