للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[اختلاف]

حدود الحق والواجب

للأستاذ عبد الرحمن شكري

مفتش التعليم الثانوي

إن حدود الحق والواجب تختلف في الأماكن المختلفة بعض الاختلاف كما أنها قد تختلف في الأزمنة المختلفة أو في المكان والزمان لاختلاف الطبائع والصفات النفسية وما يتبعها من الآراء. وهذا الاختلاف في تعريف حدود الحق والواجب وتعيينها قد يغر الناس في عصور الانقلاب الاجتماعي فينبذونها كلها ويحاولون أن لا يتقيدوا بها وأن لا يجعلوا لها شأناً، ويحسبون أن الحياة تستطيع أن تقوم وأن تحسن وتصلح من غيرها، ويغالطون أنفسهم كي يستثمروا نبذها لجلب مطالب وقضاء لبانات

والحقيقة أن للحق والواجب حدوداً لا يختلف فيها أحد وإن اختلف الناس في حدود حقوق وواجبات أخرى، وأن كثيراً من الناس ينبذون حتى الحدود التي يعترفون بها عجزاً عن كبح أثرتهم وأن الحياة لا تصلح إلا بنصيب كبير من احترام حدود الحق والواجب التي تحددها القوانين الإنسانية والضمير والشرائع الدينية حتى في عصور التغير الاجتماعي التي يكثر فيها العبث بتلك الحدود، بل ربما كانت تلك العصور أحوج إلى طوائف من الناس يزداد تشبثها بتلك الحدود حفظاً للتوازن الحيوي لأن الحياة قائمة على التوازن وسنته هي سنتها. ومن درس كتب التاريخ وجد في الأمم المختلفة حتى في إبان الثورات والحروب والكوارث الطبيعية وفي وسط ما تبتعثه بالاضطراب الخلقي والإجرام - أناساً يعملون أعمالهم اليومية في حدود الحق والواجب، وأناساً يزداد تشبثهم بتلك الحدود حسب سنة التوازن الحيوي التي أشرنا إليها

ومن الناس من يقول إن حدود الحق والواجب إذا استعبدت الناس استعباداً مطلقاً وتقيدوا بحروفها دون معانيها وظروفها منعت من تحوير الحقوق والواجبات لإنمائها وتحسينها كما يتطلبه رقي الإنسانية. ولعل الصواب الذي في هذا القول أقل من المغالطة المقصودة أو غير المقصودة، وأقل من سوء التطبيق الذي تدفع إليه الرغبة في التخلص من بعض تلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>