كتب الأستاذ محمد توحيد بك السلحدار في عدد سابق من (الرسالة) مقالاً عنوانه منع الحرب حلم الأبد، وأقول رداً عليه إن السلم العالمية حلم قريب الأمد
والحق أننا نعيش الآن على مسمع من قصف المدافع وأزيز الطائرات، وعلى مرأى من مشاهد حرب شنيعة المهلكات
ولاشك أن أحداً من الدول المشتركة في هذه الحرب القائمة لم يكن يرغب في إثارتها، ليكتوي بنارها. والواقع المسلم به أن كل دولة تتبرأ من إعلان الحرب وتصرح بالابتعاد عن تبعة إثارتها
ولم يكن الأمر كذلك في قديم الزمان، إذ درج الحكام والملوك والأمراء على التفاخر بالعدوان، والمباهاة بالقوة والبأس والسلطان. فإذا كنا نرى في الوقت الحاضر أن أصحاب العروش وذوي التيجان وأقطاب الدول والزعماء المحركين للشعوب يتنصلون من تبعة الحرب ويتبرءون من إعلانها، فلا شك أن هذا دليل يحمل في طياته النزعة القوية إلى السلام، ويبشر بتحقيق هذا الحلم الذي كان من أطماع الناس في القديم ولا يزال من آمالهم حتى الآن
والقول في الحرب أو في السلام يقتضي منا الإشارة إلى الأسباب التي تسوق الدول إلى الخصام أو تدفع بها في سبيل الوئام.
قال الأستاذ توحيد بك السلحدار في أسباب الحرب ما نصه:(إن الغرائز والشهوات ما زالت تتغلب على العقل، والطبيعة لم تصلح بعد من شأن النزعات الأنانية، ولم توجهها إلى التعاون الصادق، والإنسان مقسور على الكفاح في الحياة، والدول من طبعها أن تتعمد التوسع وترغب في الفتح والسيادة الدولية بالمنافسة المطلقة في الاقتصاد والصناعة والتجارة والتسلح. وهذه سبيل لا مندوحة فيها عن الحرب بين حين وحين)
وقد جمع الأستاذ بين الدوافع النفسية في الفرد وبين العلاقات الدولية وتنافر مصلحة الجماعات