للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المأموني الشاعر]

للدكتور عبد الوهاب عزام

- ١ -

ذكرت من قبل طرفاً من أخبار أبي المظفر الأبيوردي الشاعر القرشي الأموي وسميته (شاعر العرب في القرن الخامس) إذ كان يعرب عن أخلاق العرب وعاداتهم، ويبين عن آمالهم وآلامهم.

واذكر في هذا المقال شاعراً آخر من بني الخلفاء عرف باسم المأموني، ينتهي نسبه إلى الخليفة المأمون بن الرشيد رضي الله عنهما.

وأقدم قبل الحديث عن هذا الشاعر أن ما نعرفه عن أخباره مأخوذ عن الثعالبي صاحب يتيمة الدهر. وإنما يروي الثعالبي أخبار هذا المأموني في الري ونيسابور وبخارى، اي في خراسان وما وراء النهر. ويحدثنا هذا المؤلف الكبير عن شاعر آخر من بني الخلفاء يسمى الواثقي، من بني الواثق بن المعتصم ابن الرشيد، ويروى من أنبائه في تلك الأقطار أيضاً. ويخبرنا انه كان ببخارى إذ ذاك جماعة من بني الخلفاء العباسيين تجري عليهم الأرزاق، منهم: ابن المهدي وابن المستكفي. وإن قارئ هذه الأخبار ليعجب ويتساءل لماذا يذهب بنو الخلفاء إلى خراسان وما وراء النهر في طلب الرزق؟ وأن جاز أن يضطر إلى هذه الرحلة أبناء الخلفاء الذين بعد الزمن بينهم وبين الخلفاء من آبائهم كأبناء المهدي والمأمون والواثق، فكيف أدركت الضرورة ابن المستكفي وقد لبث المستكفي في الخلافة إلى سنة ٣٣٤، فما مضى نصف قرن من خلافته إلى الزمن الذي يحدثنا بأخباره الثعالبي؟

ومرد هذا في رأيي إلى أمرين: الأول أن استيلاء البوبهيين على العراق عام ٣٣٤ - وهي السنة التي خلع فيها المستكفي، وبأيديهم خلع - ذهب بهيبة الخلفاء وثروتهم، وأورث أبنائهم الفقر العاجل، وكان بنو بويه يتشيعون ولا يؤمنون بخلافة العباسيين

والثاني أن بني الخلفاء كانوا يلقون حفاوة وإكراماً في تلك البلاد، وان أمراء السامانيين ووزرائهم كانوا يمنحونهم من التعظيم والبر ما يحبب إليهم ركوب الأسفار البعيدة إلى تلك الديار النائية؛ والسامانيون كانوا يدينون بالطاعة لبني العباس ويؤمنون بخلافتهم

- ٢ -

<<  <  ج:
ص:  >  >>