للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بين الشرق والغرب]

آفَةُ الشَّرْقِ اهتِضَامُ الضُّعَفاءِ ... وهَوى الظُّلْمِ وَإرْهَاقُ العِبَادِ

وَبَلاَءُ الشَّرقِ خُلْفُ الزُّعَمَاءِ ... وانْقِسَامُ الرَّأي في سَاحِ الجِهَادِ

وَبَنُو الشَّرقِ أُنَاسٌ نَبَذُوا ... خِشْيَةَ اللهِ وَحُبَّ الوَطَنِ

تَبَعوا الغَرْبَ عُمَاةً وَحَذَوا ... حَذْوَهُ فِي القُبْحِ لا في الحَسَنِ

تَرَكُوا نَهْجَ التُّقَي واتخَذُوا ... سَبْلَ الكفْرِ وَطُرْقَ الفِتَنِ

وَتَبَاهَوَا بِالمخازِي، بِالرِّياءِ ... بالمعاصِي، بِأفانين الفَسَادِ

فاتَهُمْ أنّ العُلاَ بِنْتُ الإباء ... وَبُلُوغُ المَجْدِ رَهْنُ الاتحادِ

غُلِبَ الشَّرْقُ عَلَى نَيْلِ الأرَبِ ... وَأبَى التَّفْرِيقُ أنْ ينْصُرَهُ

ولو أنّ الشَّرْقَ ضَحّى وَدَأبْ ... كانَ لُطْفُ الله قَدْ أظْهَرَهُ

إنما أهْلُوُه زَادُوهُ نَصَبْ ... قُتِلَ الإنْسَانُ ما أكفَرَه

لاَ يَميلونَ إلى غَيْرِ الهُرَاءِ ... أو يَهِيمُونَ بِغَيْرِ الانْتِقَادِ

شَأنُهُمِ فِي العَيْشِ شَأنُ الجُبَنَاءِ ... خَامِلو الذِّكرِ قلِيلو الاعْتِدَادِ

أيُّهَذَا الشَّرْقُ يَكفْيكَ عَمَى ... فَاتَّقِ الغَرْبَ وَكنُ فِي حَذَرِ

لاَ يَغُرَّنَّكَ إمَّا أبْتَسَما ... بَسْمَةَ البَرْقِ قُبَيْل المَطَرَ

فَهْوَ لم يَعْشَقكَ إلا مِثْلَمَا ... يَعشقُ الجزّارُ سِرْبَ البَقَرِ

سَائِلِ السِّكِّينَ عَنْ هَذَا الوَلاَءِ ... وَسَلِ المَسْلَخَ عَنْ ذَاَكَ الوَدَادِ

وَأحْذَرِ السُّمَّ بِمعَسُولِ السِّبَاءِ ... وَاجْتَنِبْ فِي وَرْدِهِ شَوْكَ القَتَادِ

لاَ َتظُنَّ الغَرْبَ ضبَّا مُفْتَتِنْ ... بِكَ، فَالغَرْبُ وَلوعِ بفَنَاكا

أوْ تَخَلْهُ الطَّاعِمَ الكاسي المَرِنْ ... فَهْوَ مِنْ جِلدِكَ يا شَّرْقُ كسَاكا

وَهْوَ مِن لَحمِكَ غَذّاكَ وَمِنْ ... دَمِكَ المَسْفُوكِ عُدوَاناً سَقَاكا

مُستبَدِاًّ جَائراً باسم الإخَاءِ ... شَائِقَ الأقْوَالِ شرَّيرَ المُرَادِ

قَدَّسَ الغَدْرَ وَنَادَى بِالوَفَاءَِ ... وَيْلُ هَذَا الشّرِقِ مِنْ ذاكَ المنادى

(دار الأهرام)

فؤاد بليبل

<<  <  ج:
ص:  >  >>