للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حديث الدولتين]

للأستاذ محمود محمد شاكر

الآن حصحص الحق، ولم تبق في نفس ريبة تحجبها عن رؤية الحقيقة سافرة بينة واضحة تكاد تنطق وتقول هاأنذا فاعرفوني؛ فهذه بريطانيا أم المكر والدسائس قد دخلت ارض فلسطين العربية ليقول قائد جيشها يومئذ حين وطئت قدماه المدنستان هذه الأرض المطهرة (هذه آخر حرب صليبية)، فكان ذلك إعلاناً عما اعتمل في نفوس أولئك الغزاة من سخائم الحقد والضغينة والعصبية الجاهلية الموروثة، ثم لم تلبث هذه الدولة ان نكثت عهودها للعرب، وكانت قد قطعت هذه العهود على نفسها لتستجر معونة العرب لها في الحرب العالمية الأولى.

ولم يكن ذلك فحسب، بل إنها كانت تكيد للعرب من وراء حجاب فقطعت عهداً آخر يناقض عهودها للعرب، وكان هذا العهد لرجل غير مسؤول من الأفاقين الصهيونيين المتعصبين. فلما دخلت فلسطين بعد الحرب العالمية الأولى أظهرت أنها دولة لا تستطيع أن تنقض عهدها فإن العهد هو شرفها الشامخ الباذخ النقي الطاهر، فمن اجل ذلك أصرت على ان تحمي اليهود الذين جاءوا من أرجاء بلاد الله ليحتلوا ارض فلسطين. وظلت وكالات الأنباء تطمس حق العرب فيما تنشره الصحافة، وتجلوا باطل اليهود جلاء منيراً حتى انخدعت الدنيا كلها بالترهات التي تحوكها هذه الشركات الصهيونية.

وثار العرب يطلبون حقهم ويريدون طرد هؤلاء الدخلاء من ارض الآباء والأجداد، فوقفت بريطانيا تذود عن باطل اليهود فتفتك بالعرب فتكاً وحشياً، تعذب طلاب الحق وتهينهم وتشردهم لا ترعى حرمة لطفل ولا شيخ ولا امرأة، وضربت الغرامة على القرى والدساكر والبلاد لأهون سبب، وهي في أثناء ذلك ترخى للأفاقين من اليهود وتغريهم بالعرب وتمهد لهم في الحكومة حتى يستولوا على السلطان، وتحميهم من شر العرب وبأسهم وتسلط على رقاب المسلمين والنصارى أهل فلسطين.

وجعلت صحفها وشركات أنبائها تذيع على العالم الأكاذيب، وتصور العرب بصورة المعتدين الباغين، وتسمي الأحرار من أبناء إبراهيم وإسماعيل عصابات ولصوصاً وفتاكاً، وترميهم بالبهتان والكذب، وتستر عن العالم كله فظائع ما ترتكبه في حق الأحرار

<<  <  ج:
ص:  >  >>