جركسي الأصل، اشتراه عزت باشا، أحد الصدور في زمن السلطان محمود الثاني، ورباه صغيراً في القسطنطينية، ثم أتى به إلى مصر سنة ١٢٥٢، فاشتراه كتخداها عباس باشا بن طوسون باشا بن محمد علي باشا، وحظي عنده حظوة عظيمة، وقدمه إلى سائر مملوكيه، ولما تولى إبراهيم باشا بن محمد علي على مصر سنة ١٢٦٤ استأذن منه عباس باشا في السفر إلى الحج فسافر إلى الحجاز وأقسم بأنه لا يعود لمصر ما دام عمه والياً عليها، لوحشة وقعت بينهما، وأخذ المترجم معه، فلما وصل إلى مكة وأدى فريضة الحج وصل إليه البشير بموت عمه إبراهيم باشا، وتوليته مكانه، وصادف ذلك موت خزينة داره راغب أغا الموره لي فأقام المترجم بدله وأعتقه، ولزمه من ذلك الحين لقب الخزينة دار، ثم جعله رئيساً لمملوكيه، وأنعم عليه برتبة أميرالاي، ووظف له ألف دينار مصري في السنة، وعاد معه إلى مصر، فكبر شأنه، وعظمت منزلته بين الأمراء، وأمر ونهى في الولاية، وحل عند سيده بمنزلة كبيرة، حتى أمر أن يكون أمر المترجم كأمره نافذاً لا يرد في كافة الدواوين، وكان يقول له أنت يا مصطفى مثل أولادي، والمترجم لا يقابل ذلك إلا بالصدق والاخلاص في الخدمة، والوالي يوالي بره، ويزيد في إعزازه، حتى أمر أن يركب مثل ركوبه في موكب بجند وحاشية، فاستعفى من ذلك وقال: عبدكم يكفيه ركوب جنديين يستخدمهما في خدمة أفندينا فقبل منه وأعفاه، وتسامع الناس بذلك فلامه بعض أخصائه على إبائه هذا الشرف العظيم، فقال له أنتم جهلاء لا تقرأون العواقب، أما تعلمون انه إذامات أو غضب عليّ أسلب هذا الشرف وينحط قدري بين الناس، أفليس الأولى لي أن أبقى على حالة واحدة لا أغيرها؟
وكان المترجم ميالاً لفعل الخير يسعى فيه جهده، ويروي انه أنقذ نحو ثلاثمائة شخص من القتل والنفي لنفاذ كلمته عند الوالي
ويروي أن عباساً باشا غضب مرة على احمد باشا المنكلي، وكان من جلة القواد، فجفاه الناس، وخصوصاً الأمراء على عادتهم مع من يغضب عليهم الولاة، حتى يبلغ بالواحد انه