الموت بالخوف من العلز والفوت، لرغب كل من احتدم غضبه، وكل عن ضريبة مقضبه أن تترع له من الموت كؤوس)
أفرأيت في حديث أبي العلاء كيف سلك سبيل الحكماء، وكرر معنى ذكره في لزومايته، ذلك المعنى هو رهبة ما بعد الموت، وصدها عن ورود حوضه حين يقول:
لو لم تكن طرق هذا الموت موحشة ... مخشية لاعتراها القوم أفواجا
وكان من ألقت الدنيا إليه أذى ... يؤمها تاركاً للعيش أمواجا
فما هو سر ذلك وما سببه؟ أكبر الظن أن سر ذلك هو وقوع ذكر الانتحار في الرد على رسالة ابن القارح بعد أن انتهى حديث الفردوس والجحيم. ولقد نرى أبا العلاء يتطاحن خياله، بل يودعه خياله حين يودع الجنان والنيران، وحين يأخذ في الرد على ما جاء في رسالة ابن القارح وما فيها من أشخاص يساجله الحديث عنهم، ويزيد عليه بسطاً في القول، والمساجلة في الشخصيات وفي تواريخها، وفي المذاهب والعقائد أبعد شيء عن الخيال، وأحوج شيء للعبارة البينة في دلالتها، السافرة عن غرضها
ولكن دانتي يحدثنا عن الانتحار وهو في دوره الثاني من الطبقة السابعة في جهنم فأعمل خياله في تهجينه، ووصف عذاب المنتحرين وصفاً يبعث في الجلود قشعريرتها، وفي القلوب هلعها.