كان الملك إيجوس، ملك أثينا، في شرخ صباه وعنفوان شبابه زير نساء، وأخا شهوات؛ وكان ذا نزواتٍ تكاد تسعى به إلى حتفه. . . . بظلفه. . .
ذهب مرة يجوب ريف مملكته، فلمح وجهاً مشرقاً ينبثق من كوة كوخ في إحدى القرى، تتراقص حول ثغره الصغير بسمات هن رسل الحب، وتنطلق من عينيه النجلاوين نفثات تصرعن ذا اللب. . . حتى لا حراك به. . .
وطرق الباب يستسقي، وما به ظمأ، فامتدت إليه ذراع عاجية لدنة، تحمل كوباً من البلور مفعماً برحيق الحب، وإن لم يحو غير الماء القراح!
وتناول الكوب ولبث لحظة يشرب ما به بعينيه، دون أن يمتد فمه إليه، ثم أرسل زفرةً دفعت الباب فانفتح على مصراعيه، ودخل غير مستأذنٍ، فروى فمه، وبرد قلبه، وبل جاحم الحب الذي زلزل أركانه
ثم تزوجها، ومكث عندها شهراً كان عسلاً كله!
ووصل إلى قاعدة الملك، وأم القرى، أثينا، بعد أن ترك وصاته المكتوبة الآتية:(في الغرفة التي ضمتنا لأول مرةٍ نلتذ الحياة وننعم بطيب العيش؛ هنا؛ في هذا المنزل الصغير الذي اتسع لدنيا من الآمال والأحلام؛ وتحت الحجر الكبير الملون، حيث كانت قدماي تحييان في سكرة الهوى قدميك؛ قد استودعت نعلي اللتين حملتاني إليك، وسيفي الذي فربت به رؤوس الأعداء حتى سعدت بك؛ فإذا وضعته غلاماً فسميه ثيذيوس، ونشئيه وطرئيه حتى يصلب عوده، ويشتد ساعده، فخذيه إلى الحجر فليرفعه، وليلبس نعلي وليمتشق سيفي، ثم ليمض إلى أثينا، لا حافظ له إلا قلبه، ولا حارس إلا سيفه، فإذا شاءت العناية فإنه بحول زيوس العظيم ولي عهدي، وصاحب التاج من بعدي.)