فيدر - لنستمتع لحظة أخرى في سذاجة بهذه الأعمال الحسان!. . . كأمها تقدم الهدايا عن يمين، عن شمال، إلى أمام، إلى وراء، إلى فوق والى تحت، من الطيب ومن البخور ومن القبل، وحياتها نفسها تهديها إلى كل مكان في الكرة والى قطبي الكون.
إنها ترسم ورداً وشباكاً، ونجوماً من الحركات، وأسواراً سحرية. . . . إنهاً تثب فتتجاوز الدائرة التي لا تكاد تغلق. . . إنها تثب وتجري في أثر الأشباح. . إنها تجني زهرة لا تلبث أن تستحيل إلى ابتسامة. . . ما أعجب ما تنكر وجودها في خفة لا تنقضي!. . . إنها لتضل بين الأصوات ثم يردها إلى الهدى خيط ضئيل. . . هو المزمار المعين الذي أنجاها! يا لعذوبة اللحن!. . .
سقراط - كأن ما حولها ليس إلا أشباحاً. . . . إنها تلد هذه الأشباح وهي تهرب منها، ولكنها إذا التفتت فجأة تخيل إلينا أنها تتراءى للآلهة الخالدين!. . .
فيدر - أليست هي روح الاساطير، وما ينفذ من جميع أبواب الحياة!
أركسيماك - أتظن أنها تعلم من هذا شيئاً؟ أو أنها تفاخر بأنها تنتج شيئاً إلا هذه الحركات التي تأتيها حين تغلو في رفع قدميها، وهذا التوقيع وهذه الالتواءات التي أتقنتها في مشقة حين كانت تتعلم الرقص.
سقراط - من الحق أننا نستطيع أن نلاحظ الأمر تحت هذا الضوء الذي لا سبيل إلى إنكاره. . . . فالعين الهادئة تنظر إليها في يسر كما تنظر إلى مجنونة. هذه المرأة التي اجتثت من اصلها اجتثاثاً غريباً، والتي لا تنفك تنزع نفسها من صورتها على حين قد جنت أعضاؤها فهي تتنازع الأرض والهواء، وعلى حين يستلقي رأسها فيجر على الأرض شعراً مفرقا، وعلى حين تظهر إحدى ساقيها كأنها أخذت مكان الراس، وعلى حين تخط صبعها في التراب علامات لا أدري ما هي!. . . . وبعد، فلم هذا كله؟ - يكفي أن تثبت