للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[بين الإلهام والحكمة]

للأستاذ عباس محمود العقاد

نقلنا عن الجماعة الإسلامية في لاهور أنهم يعدون حضرة مرزا غلام أحمد القادياني مجدد القرن الرابع عشر، ويثبتون أنه ما ادعى النبوة قط كما قال بكلامه: (إنني لا أدعي النبوة وكل ما أدعيه أنني محدث، وأن معنى المحدث هو الذي يسمع كلام الله. كلا. ما أنا مدع للنبوة، وما مدعي النبوة عندي إلا خارج على الدين، وإنما يكذب علي الذين يحسبونني من أولئك المدعين).

وقد شاءت المطبعة أن تضبط (المحدث) بكسر الدال، ولا أدري كيف وقع ذلك، لأن الكلمة التي تليها تفسرها وتمنع أن تكون على صيغة أسم الفاعل، إذ كان الذي يسمع كلام الله هو المحدث بصيغة أسم المفعول. وإنما المحدث هو الذي يتكلم وليس هو الذي يسمع الكلام.

ولهذا أصاب الأستاذ (السهمي) حين ردها إلى التطبيع، وأشار إلى تفسير المحدث فقال: (جاء في الحديث تفسيره أنهم الملهمون، والملهم هو الذي يلقى في نفسه الشيء فيخبر به - حدسا وفراسة، وهو نوع يختص به الله من عباده الذين اصطفى مثل عمر، كأنهم حدثوا بشيء فقالوا. . .)

ولكن المسألة كبرت بعد ذلك، لأن المراد أن يكون هناك خطأ ينسب إلى العقاد على ما يظهر. فكتب الأستاذ الطنطاوي يقول (إن السهمي لم يصحح الخطأ في تفسير العقاد. . . فقد ذكر أن المحدث هو الذي يسمع كلام الله. مع أن الذي قالوه في المحدث أنه الملهم. . .)

ثم كبرت مرة أخرى فقال كاتب بتوقيع منصف يخاطب الأستاذ الطنطاوي: (لو أعاد الأستاذ الطنطاوي قراءة ما كتبه السهمي لوجده قد صحح الكلمة وتفسيرها بما نقله عن كتاب النهاية لابن الأثير. . .)

فعجبت لهذا التصحيح في غير موضع للتصحيح.

وعجبت لتسمية هذا التصحيح تصحيحا لتفسيري أنا، مع أنني أروي عن القادياني فيما أقول.

فتصحيح التفسير كلمتان اثنتان ليس فيهما حرف واحد صحيح؛ لأنه لا تفسير لي أولا في تلك الكلمة المنقولة، ولأنه لا تصحيح هناك ولا موجب للتصحيح على وجه من الوجوه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>