أزعجت المستعمرين هذه اليقظة التي انتظمت الشعوب الإسلامية جميعاً، وها لهم أن يروا هزة الحياة تنطلق في ربوعها الممتدة ما بين قرني الدنيا، فتهب من رقادها كما تهب الأسود، لترحض عنها عار الذل، وتستعيد حياة العزة والكرامة.
وإن الشعوب الإسلامية حين تندفع في هذا السبيل المجيد لتستجيب في ذلك لنداء دينها المنبعث من أعماقها؛ ذلك الدين الذي جعل الإيمان والعزة حليفين لا يفترقان، وأضاء للمسلمين بنور تعاليمه فجاج الحياة ليتخذوا طريقهم إلى بعيد الغايات في ثقة وأمن وسلام. وإن جذوة الحياة لتكمن في أعماقنا. وإن طالعك منهم الخمود. إنها الروح التي الروح التي تصرح بها الآية الكريمة (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) فمظاهر الحياة الجديدة التي تبدو في الربوع الإسلامية اليوم تتصل أسلاكها بهذا المصدر القوي الذي يمدها بالقوة، ويرفدها بالحرارة، ويمنحها الدوام والخلود.
هذه المبادئ الخالدة، وتلك التعاليم السامية، وهذه التشريعات الحكيمة الرحيمة هي روح الحياة في المسلمين، وعنصر بقائهم، وسر قوتهم وتماسكهم، تصلهم بإمدادها، وتهديهم بإشراقها، وتدفعهم بتيارها، ولن يتوقف موكبهم عن المسير إلى غايته ما دام يستند إلى هذه القوة الروحية الخالدة، ويندفع بتلك الطاقة السماوية الجبارة. شهد بذلك التاريخ الماضي، ويشهد بذلك التاريخ المعاصر: فهذه باكستان وإندونيسيا وإيران وهذه مصر. . . وسترى ما سيفعله العراق وشرق الأردن والشمال الأفريقي.
أيها الأمم الساعية لمجدها المنطلقة لغايتها. . . لا تلتفتوا إلى الوراء، ولا تتوانوا في المسير، ولا تقفوا دون الغاية، ولا تخشوا سوءاً، ما دمتم تسيرون على هدى الله.