للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عرض سريع عن]

تاريخ النهضة الفكرية في السودان

للأستاذ عبد القادر رشيد الناصري

إذا أردنا التحدث عن تاريخ النهضة الفكرية في السودان فإننا لا نجد بأيدينا من الأدلة ما يكفينا للاستدلال على المعالم الواضحة التي تنير لنا الطريق أو توصلنا إلى الحجة، فالخطوط الرئيسية مطموسة المعالم يكتنفها الغموض ويحيط بها الضباب من كل جانب؛ فنحن إذن نسير في سبيل ملتاث وفي ظلام دامس غير منار، ذلك لبعد الشقة بين الأمس واليوم، ولانعدام الصلة بين الماضي والحاضر، ولعدم وجود رابطة بين العهدين القديم والحديث، وستظل الحلقة مفقودة إلى أن يهيئ لها الله باحثاً سودانياً ينقب بجد ليكشف لنا السر المختفي وراء أطلال الماضي البعيد

وإذا أردنا الرجوع إلى الماضي فليس لدينا ما يثبت صحة قولنا غير أحاديث يتناولها الناس في مجالسهم الخاصة، يقتلون بها الوقت أو يتسلون بها لينقلها الخلف عن السلف، وهي أشبه ما تكون بأحاديث الرواة في العصور الأولى من صدر الدولة العباسية. . وهذه الأحاديث ينقص بعضها الثقة وبعضها السند. . على أنني تمكنت بواسطة اتصالاتي ومراسلتي مع إخواني أدباء وشعراء السودان أن أجمع مادة لبحثي هذا الذي أقدمه للقراء، وخصوصاً أبناء البلد الشقيق، راجين منهم إيضاح ما فات عني، واستدراك ما قد سهوت عنه

بدء النهضة

تبدأ النهضة الفكرية في السودان منذ العهد التركي أي منذ سنة ١٨٢٠ م، وكانت الثقافة آنذاك تحبو وتتعثر، إلى أن هاجر بعض أبناء الجنوب إلى مصر والتحقوا بالأزهر الشريف حيث أتموا دراستهم ثم عادوا إلى بلدهم يحملون طلائع نهضة جديدة، ولكن مهمتهم كانت مقتصرة على الوعظ والإرشاد والترنم بالمدائح النبوية، ونظم كل ما له علاقة بالدين الإسلامي. على أن ذلك لم يمنع من التفاخر بالأمجاد. وكانت الحالة آنذاك في السودان غير مستقرة؛ العصر عصر حروب واستبداد ومظالم وإرهاب وثورات داخلية

<<  <  ج:
ص:  >  >>