للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كشاجم]

للأستاذ عبد الجواد الطي

- ٣ -

إذا كنا قد تحدثنا في المقال السابق عن ثقافة الرجل، فمما يتصل بهذا الموضوع أن نعرف شيئا عن أساتذته وتلاميذه، أو من تأثر بهم وأفاد منهم، وإن لم يبلغوا مرتبة الأستاذية، ومن تأثروا به، وإن لم يكونوا بالفعل تلاميذه.

ومما يؤسف له، أن مرجعا من المراجع التي بين أيدينا لم يحدثنا عن شيء من ذلك يذكر، حتى ليحار المرء فيما نسبوه إليه من ألوان العلم والمعرفة، دون أن يشيروا - ولو إشارة عابرة - إلى بعض مصادر هذه المعرفة وأصولها!.

وإذا كانت هذه حال المراجع التي ترجمت للشاعر، فليس لدينا إذن إلا أن نستهدي شعره عساه أن يوصلنا إلى شيء مما نبتغيه.

يحدثنا شعر كشاجم أنه قد اتصل ببعض الأطباء والمنجمين من معاصريه وقد مدحهم وأثنى على علمهم وإنتاجهم، ومن هؤلاء أبو جعفر أحمد بن إبراهيم المعروف بابن الجزار، الذي أثنى عليه كشاجم حتى بعد وفاته وذكر كتابه المعروف (بزاد المسافر)

أبا جعفر أبقيت حيا وميتا ... مفاخر في ظهر الزمان عظاما

رأيت على زاد المسافر عندنا ... من الناظرين العارفين زحاما

ثم هذا الأخ الصديق الذي يقول فيه:

الحمد لله قد وجدت أخا ... لست مدى الدهر مثله واجد

أسكن في صحتي إليه فإن ... مرضت كان الطبيب والعائد

طبايعيا منجما جدلا ... يجمع منه الكثير في واحد

فإنه وأن كانت صلة الشاعر بهذين وأمثالهما لا تبلغ أن تكون صلة الأستاذ والتلميذ، فإنهما على كل حال صلة الصديق بالصديق. والإنسان قد يفيد من معارف الإخوان والأصدقاء، لا من طريق التعليم والتعلم، وإنما من طريق المصادفات والمناسبات التي يتطرق إليها الحديث - والحديث ذو شجون - فتحصل الإفادة والاستفادة من طريق غير مباشر.

وليس لنا أن نقلل من قيمة هذا الاتصال كوسيلة من وسائل الثقافة لها أهميتها التي تزيد أو

<<  <  ج:
ص:  >  >>