تنقص تبعا للظروف والملابسات، ولكنها لا يمكن أن تتلاشى أو تنعدم، فنحن نرى أن حافظ إبراهيم كان من المصادر الهامة في ثقافته اتصاله بالأستاذ الإمام، وسعد زغلول، ومصطفى كامل، وقاسم أمين. . فكان يفيد من مجالسهم في النواحي العلمية والاجتماعية، والسياسية ما ظهر أثره واضحا في شعره. حقا إن صلات حافظ كانت من طراز آخر غير صلات كشاجم، فجعلت من شاعر النيل شاعرا خلق لعصر جديد له نزعاته وميوله واتجاهاته التي لم تكن من سمات ذلك العصر الذي وجد فيه أمثال كشاجم.
وقد اتصل شاعرنا بأديب من معاصريه هو أبو بكر الصنوبري المتوفي سنة ٣٣٤هـ، وقد نشأت بينهما صداقة قوية تنعكس واضحة في شعر الرجلين، وإذا شئت أن تتبين شيئا من ذلك فإنظر في قول كشاجم:
لي من أبي بكر أخو ثقة ... لم أسترب بإخائه قط
ما حال في قرب ولا بعد ... سيان منه القرب والشحط
جسمان والروحان واحدة ... كالنقطتين حواهما خط
أبا بكر اسلم للعودة والصفا ... فودك باق لا يحول ولا ينضو
متى يشق خل بالتغير من أخ ... خؤون فحظي من مودتك الخفض
فالصنوبري - كما ترى (أخو ثقة) لحميمه كشاجم الذي لم يشك يوما في إخلاصه ووفائه، فهو لم يتغير ولم يتنكر لهذا الحب سواء نأت داره، أو قرب مزاره، وإنما هو مخلص في كلا الأمرين، ووده باق في كلا الحالين، ولا يتحول ولا يحول، فإن كانا في عالم المادة جسمين اثنين، فهما في عالم الحب، والمثالية في الوفاء روح واحدة تجمع بين هذين الجسمين جميعا.
ثم هما قد يتبعان كما يفعل الخلصاء حين يحدث بينهما ما يدعو إلى ذلك، فنجد هذه الأخوة بارزة في هذا العتب الأخوي.