للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أدباء عالميون]

١ - موريس ماترلنك

للأستاذ صلاح الدين المنجد

ماترلنك من الأدباء الذين فتنوا بآثارهم القلوب ولذّوا العقول، بلغ من شأنه أن خُصَّ بآثاره نُهاد المئة من الدراسات الطوال الجِياد في لغات مختلفات. فقد أوتيت آراؤه من الأصالة والواقعية والخيال ما جعلها تأسر وتُعجب، فهي سحر من السحر لا يقاومه إنسان

ولد ماترلنك في (غاند) من أسرة قلامندية. فشدا طرفاً من العلم على الآباء اليسوعيين. وكان له هوى شديد إلى القراءة فكان لا يدع كتاباً وقع في يديه حتى يفرغ منه، غير آبهٍ بموضوعه، ولا حافل بجودته وغثاثته. ولم يستطع الآباء اليسوعيون أن يؤثروا فيه فنشأ عزوفاً عن الدين ضعيف الإيمان. فلما فرغ من دراسة الإنسانيات، انصرف إلى دراسة القانون، لا رغبة منه فيه، ولكن ابتغاء مرضاة ذويه. على أنه لم يُرافع أمام المحاكم إلا مرات معدودات. ثم صدف عن القانون ويمم وجهه إلى باريس (١٨٨٦) فأقام بها وعرف أدبائها. فاجتمع (بسان بول رو وو (إفرام واستطاع (فيلير دُليل ' أن يملك قلب هذا الفلمندي الشاب بقوة شخصيته وخصب قريحته. وكان فيلير من أدباء المذهب الرمزي، فنحا ماترلنك نحوه، ونشر في مجلة (البلياد قصة سماها (مذبحة الأبرياء) فأعجب بها الناس، وتطلعوا إلى هذا الأديب الجديد

وقضى ماترلنك في باريس سبعة شهور، ثم مضى إلى الفلاندر فكان يقطع الشتاء في (غاند) ربع ميلاده، والصيف في (أوستاكر في مزرعة ريفية، حيث يعنى بغرس الأزاهر وتربية النحل، وهو يصف لنا حياته فيها بصفحات ممتعات من كتابه (حياة النحل ويظهر أثر الطبيعة الفنانة في تأريث وحيه الأدبي

أخذ يكتب ماترلنك لمجلة بلجيكا الفتاة فنشر فيها مأساته الأولى (الأميرة مالين ولم تثر هذه المأساة اهتمام الناس، عند نشرها، حتى أتيح لها ناقد ينقدها، وإذا بماترلنك يسمو إلى ذروة المجد، وإذا بصيته يذيع وبشهرته تستفيض. فلقد كتب عنها آنئذ الروائي أوكتاف ميربو هذا الهجاء اللاذع، والأديب الذي أخرج أروع المآسي الحديثة. رأى ميربو ما في مأساة ماترلنك من جمال وكمال، فتكلم عليها بمقال ظهر في (الفيفارو) سنة ١٨٩. وما

<<  <  ج:
ص:  >  >>