أستطيع اليوم أن أوكد لكم أننا على قيد خطوات من هدفنا، فلم تبق إلا مسافة قصيرة حتى تتم الأفعى الرمزية - شعار شعبنا - دورتها. وحينما تغلق هذه الدائرة ستكون كل دول أوربا محصورة داخلها بأغلال لا تنكسر.
إن كل الموازين البنائية القائمة ستنهار سريعاً؛ لأننا على الدوام نفقدها توازنها لكي نبليها بسرعة أكثر، ونفسد تأثيرها.
لقد حسب الأمويون (غير اليهود) أن هذه الموازين قد صنعت ولها من القوة ما يكفي، وتوقعوا منها أن تزن بدقة، ولكن القوامين على الموازين - أي رؤساء الدول كما يقال - مكبوحين بأذنابهم الذين لا فائدة لهم منهم، مغمورون بعيداً - كما هو شأنهم - بقوة أذنابهم المطلقة على تدبير المكايد (والدسائس) بفضل المخاوف السائدة في القصور.
وإذ أن الحاكم لم تكن له منافذ إلى قلوب رعيته - لم يستطع أن يحصن نفسه ضد مدبري المكايد المتطلعين إلى السلطة ولقد فصلنا القوة المراقبة عن قوة الجمهور العمياء، ففقدت القوتان معاً أهميتهما، لأنهما حينما انفصلتا صارتا كأعمى فقد عصاه. ولكي نغري المتطلعين إلى القوة بأن يسيئوا استعمال حقوقهم ألقينا العداوة بين القوى فأوقفنا كل قوة ضد غيرها، بأن شجعنا ميولها التحررية نحو الاستقلال. وقد شجعنا كل مشروع في هذا الاتجاه، ووضعنا أسلحة مرعبة في أيدي كل الأحزاب، وجعلنا القوة هدف كل طموح إلى الرفعة. وأقمنا ميادين تشتجر فوقها الحروب الحزبية بلا ضوابط (ولا التزامات)، وسرعان ما ستنطلق الفوضى، وسيظهر الإفلاس في كل مكان.
لقد مسخ الثرثارون المفلوتون المجالس البرلمانية والإدارية مجالس للجدل. والصحفيون الجسورون وكتاب الرسائل الجريئون يهجمون هجوماً متوالياً على القوى الادارية، وسوف يهيئ سوء استعمال القوة دون شك تفتت كل الأحزاب، وسيخر كل شيء صريعاً تحت