إن الناس مستعبدون، في عرق جباههم، للفقر بأسلوب أفظع من قوانين رق الأرض، فمن هذا الرق يستطيعون أن يحرروا أنفسهم بوسيلة أو بأخرى، على حين أنه لا شيء يحررهم من طغيان الفقر المطبق. لقد حرصنا أن نقحم حقوقاً للهيئات خيالية محضة، فإن كل ما يسمى (حقوق البشر) لا وجود له إلا في المثل التي لا يمكن تطبيقها عملياً. ماذا يفيد عاملاً أجيراً قد حنى العمل الشاق ظهره، وضاق بقضائه - أن يظفر ثرثارة بحق نشر أي نوع من التفاهات؟ ماذا ينفع الدستور العمال الأجراء إذا هم لم يظفروا منه بفائدة غير الفضلات التي نطرحها عليهم من موائدنا جزاء أصواتهم لانتخاب وكلائنا؟
إن الحقوق الشعبية سخرية من الفقير، فإن ضرورات العمل اليومي تمنعه أن يظفر بأي فائدة على شاكلة هذه الحقوق، وكل عملها أن تنأى به عن الأجور المحددة المستمرة، وتجعله يعتمد على الإضرابات والمخدومين والزملاء. وتحت حمايتنا أباد الشعب الأرستقراطية التي عضدت الناس وحمتهم من أجل منفعتهم الخاصة، وهذه المنفعة لن تفصل عن سعادة الشعب. والآن بعد أن حطم الناس امتيازات الأرستقراطية - يقعون تحت نير الماكرين من المستغلين والأغنياء المحدثين.
إننا نقصد أن نتظاهر كما لو كنا محرري العامل، جئنا لنحرره من هذا الظلم، حينما ننصحه أن يلتحق بطبقات جيوشنا من الاشتراكيين والفوضويين والشيوعيين، ونحن، على الدوام نحتضن الشيوعية، ونعززها متظاهرين بأننا نساعد العامل طوعاً لمبدأ الإخاء والمصلحة العامة للإنسانية، وهذا ما تبشر به الماسونية الاجتماعية (غير اليهودية). وإن الأرستقراطية الذين من حقهم مقاسمة الطبقات العاملة عملها قد أفادهم في هذه الحال نفسها أن هذه الطبقات طيبة الغذاء، جيدة الصحة، قوية الأجسام. وفائدتنا نحن في عكس ذلك، أي في ذبول الأميين (غير اليهود)، فإن قوتنا تكمن في أن يبقى العامل في فقر ومرض دائمين، لأننا بذلك نبقيه عبداً لارادتنا، ولن يجد فيمن يحيطون به قوة ولا عزماً للوقوف ضدنا. إن الجوع سيخول رأس المال حقوقاً على العامل أكثر مما تستطيع سلطة الحاكم الشرعية أن تخول الأرستقراطية من الحقوق.
إننا نحكم الطوائف باستغلال مشاعر الحسد والبغضاء التي يؤججها الضيق والفقر، وهذه