يفتك مرض السرطان بستين في المائة من ضحاياه في أرقى الأمم التي بعلاجه ودراسته. أما في مصر فلا يعرف عدد المصابين إلا الله. فإن لم يكن الطبيب على شيء من البراعة فربما اعتبره نوعاً من الأورام. تستطيع أن تتعقب المرض إلى ٣٠٠٠ سنة، ومع ذلك فما يقال عنه من الفروض والتخمينات، برغم ما يبذل من المال لدراسته، وبرغم الإخصائيين الذين وقفوا حياتهم وخبرتهم لكشف سره
فإن أردت أن تعرف مدى سبر غور العلم لطلاسمه، فلست أجد أوفق مما كتب الدكتور هارولد رش مدير معهد أبحاث السرطان في إحدى كليات الطب بأمريكا حين قال:(ليس لدينا علاج محقق للسرطان. وليس في جعبتنا واحد يفكر في تنفيذه وإن كنا نتوق إلى ما يضئ لنا الطريق، وكل عملنا يتجه إلى دراسة المظاهر الأساسية والعوامل التي يحتمل أن تغير مجراه)
(ومع هذا فقد ظفر بتقدم واسع شامل، فعرفنا عدة وسائل لإحداث السرطان في المعمل في أي وقت نشاء، وعرفنا أيضاً بعض التحولات التي تطرأ على أنسجة الجسم العادية حين تصاب بالسرطان)
يبدأ كرأس الدبوس
وليس معنى هذا أن الطب يقف أمامه مكتوف اليدين، فأربعين في المائة من مرضاه تعالج بالعمليات الجراحية وبأشعة إكس وبالراديوم وبغير هذه العلاجات يقضي بالموت على كل المصابين به، فهو ذلك المرض الغريب الذي يبدأ بورم صغير كرأس الدبوس، ثم ينمو ويتشعب وينتشر حتى يفسد الجسم كله؛ ويتفق الأطباء والجراحون على أنه كلما بكر المريض بعلاجه كان النجاح أكثر ضماناً
أما سر التبكير فيرجع غالباً إلى طبيعة المرض الذي يتكون من خلايا حية تختلف عن