للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[جناية أحمد أمين على الأدب العربي]

للدكتور زكي مبارك

- ٣ -

تطايرت الأخبار بانزعاج الأستاذ أحمد أمين، وكثُر المتحدثون عن الوفاء والأوفياء. فليت شعري كيف يكون العزم على تصحيح أغلاطه ضرباً من العقوق، ولا يكون إلحاحه في الغض من قيمة الأدب العربي ضرباً من العقوق؟

إن هذا الصديق حدثنا ألف مرة أنه لا يغضب من النقد إذا كان فيه تقويم للأفكار والآراء

ونحن سنضع شجاعة الأستاذ أحمد أمين في الميزان، وسنختبر صبره على كلمة الحق، وسنرى كيف يجزينا على ما نقّدم إليه من جميل

إن هذا الرجل يحكم على الأدب العربي أحكاماً تشهد بأن طريقته في فهم الأدب والحياة طريقة عامية، فكيف يكون حاله إذا صححنا بعض ما وقع فيه من أغلاط؟

أيرجع إلى الحق؟

أيوجه إلينا كلمة ثناء؟

هنا تُعرف قيمة الأخلاق في نفس الرجل الذي ألف أول ما ألف في الأخلاق

وأقسم أني أهجم على هذا الرجل وأنا كارهٌ لما أصنع، فأحمد أمين رجل محترم، وقد وصل بكفاحه إلى منزلة عالية في الحياة الأدبية، وأنا قد ضيعت جميع أصدقائي بفضل جرائر النقد الأدبي، وكنت أحب أن أداوي ما جرح قلمي لأنجو من الدسائس التي تعترضني في جميع الميادين

ولكن كيف أسامح رجلاً يحاول أن يلطخ ماضينا الأدبي بالسواد؟

إن هذا الرجل يؤرخ الأدب بالجامعة المصرية، وهو بذلك قدير على تلوين الاتجاهات الأدبية عند شبان هذا الجيل، فتصحيح أغلاطه لا ينفعه وحده، وإنما ينفع معه ألوفاً من الشبان الذين يدرسون في كلية الآداب من مصر ومن أقطار الشرق

يرى هذا الرجل أن (المديح والهجاء) هما أظهر الفنون في الأدب العربي، وبذلك يكون الأدب العربي في أغلب أحواله أدب معدة لا أدب روح

ولو كان هذا الرجل يدقق لعرف أن المديح والهجاء هما السجل الصحيح للأخلاق العربية،

<<  <  ج:
ص:  >  >>