نشرت مجلة الثقافة بحثا كبيرا في مسالة تعدد الزوجات لمعالي الأستاذ عبد العزيز فهمي باشا، ذهب فيه إلى أن تعدد الزوجات إلى أربع غير قائم على سند من القران صالح لقيامه عليه، وانه بمقارنة بعض الآيات ببعض يظهر أن الأصل تحريم التعدد، وقد وصل معاليه إلى هذه النتيجة من طريق تفهم الآيات القرآنية وتذوق لاغها، فجاء بحثه تشريعا أدبيا قيما خطيرا، قيمته في البراعة في معالجة الموضوع، وخطره فيما انتهى إليه من الرأي، وهو لهذا يعتبر حدثا جديدا جللا في تاريخ الفكر الإسلامي من غير شك.
اعتمد الباحث الكبير في رأيه على ثلاث آيات من سورة النساء، هي:
١ - الآية الثانية من السورة وهي:(وأتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب، ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم انه كان جوبا كبيرا)
٢ - الآية الثالثة ونصها:(وان خفتم إلا تقسطون في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم، ذلك أدنى إلا تعولوا)
٣ - الآية التاسعة والعشرون بعد المائة ونصها:(ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم، فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة)
قال:(إن الكلام في الآيتين الثانية والثالثة من السورة مسوق لتحقيق فضيلة العدل في المعاملة، فأشار في أولاهما إلى ما كان حاصلا من أكل المخاطبين أموال اليتامى الذين في ولايتهم ومن العبث بها، وقد أمرهم باجتناب هذا العبث وعدم التوريط فيه لأنه آثم عظيم. ولما كان بعض اليتامى إناثاً في حجر المخاطبين وكان لهن أموال تحت يدهم، وكان من عاداتهم السيئة انهم يتخذون هؤلاء اليتامى زوجات لهم ويمسكونهن هن وأموالهن ضرار، وكان هذا أشنع مظهر من مظاهر أكل مال اليتامى، فتتميما لفكرة تحقيق العدل (التي في الآية الثانية من السورة) وتثبيتا لها أشار في الآية الثالثة إلى هذا المنكر، واتى، بأبلغ ما يكون من القول لصرفهم عنه. انه يقول لهم: إذا فهمتهم قولي في الآية السابقة وعلمتم أن أكل مال اليتامى مطلقا (من ذكور وإناث) أثم كبير، فلا تتذرعوا إلى هذا العبث بنكاح