اليتيمات اللاتي في جحوركم، بل تعففوا عن نكاحهن المفضى بكم إلى أكل أموالهن، ولديكم ممن تستطيبون من غيرهن من النساء كثيرات، تستطيعون أن تنكحوا منهن ما تشاءون، لا واحدة ولا اثنتين واحدة بعد أخرى، ولا ثلاثا واحدة بعد الاثنتين الأولين، بل حتى مثنى وثلاث ورباع، أي جزافا بلا حساب ولا عدد)؛ وأشار إلى ما في التعبير بهذه الكيفية من الاستهزاء والسخرية بالمخاطبين، والى أن أساس القول في الآيتين فكرة العدل، ثم دلل على أن الآية ليست مسوقة لتحديد عدد الزوجات بأدلة منها أن (تحديد عدد الزوجات من الأمور الأساسية في التشريع للعرب، لأنه يصادم عادة متأصلة فيهم، والقران اجل من أن يأتي بهذا الشان الأساسي بصفة عريضة جواباً لعبارة شرطية بعيدة يظاهرها عن هذا الشان ولا مناسبة بينها وبينه؛ إذ لحق أن أحد لا يستطيع أن يفهم ما هو الارتباط بين خوف عدم الأقساط في اليتامى وبين نكاح النساء والى أربع فقط. أن القران لأجل بلاغة من أن يأتي بهذه المفارقة)؛ ومنها أن كلمة (ما) في قوله (ما طاب لكم) من أقوى ما يكون في إفادة العموم، وليست موصولة، ونبه إلى بلاغة القران في انه استعمل كلمة (طاب) ولم يستعمل (حل)، لان الطائب قد يكون حلالا وقد يكون حراما، وقال:(ان مثنى وثلاث ورباع) معناها المتفق عليه عند الجميع اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة، لأنها أوصاف معدولة عن اصلها العددي، يقصد بها التوزيع الجذاف لا تحديد العدد.
وتسال الباحث كيف تطمئن قلوب المؤمنين إلى الأخذ بما يرون من أن فلانا وفلانا كان تحته ثماني نساء أو عشر، فلما نزلت الآية كلم النبي فأمره بإمساك أربع ومفارقة الباقيات، وهل يعقل أن أية شريعة تأتي بتشتيت الزوجات وما قد يكون لهن من أطفال؟ وقال:(ومن ناحية أخرى فان قوله: (وان حفتم إلا تقسطوا في اليتامى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فان خفتم إلا تعدلوا فواحدة) أن فرض انه مسوق للتصريح بتعديد النساء إلى أربع فقط، فانه يقرر أيضاً حكما أساسيا هاما هو وجوب الاقتصار على واحد عند خوف عدم العدل بين الأربع المزعومات. وهذا الحكم الأساسي كان يقتضي بطبيعة الحال أن يأمر النبي الناس بمفارقة ما زاد على واحدة، لان الخوف يملا كل نفس).
ثم قال بان المقصود من عبارة (فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) إنما هو تنظيم الحالة الوقتية وهي حالة الزوجات المتعددات الموجودات فعلا عند نزول هذا القول.