[أبي]
للآنسة الفاضلة فدوى ط.
(إلى النبراس الذي يضيء أفق حياتي، إلى ذلك العزيز الذي
يتململ الآن على فراش المرض في ظلمات السجن، إلى أبي)
يا أبي ضاق بي الفضاء على رحب مداه ... إذ ضاق صدري الكظيمُ
وعراني مما أصابك من نف ... يٍ وسجنٍ كآبةٌ وهمومُ
وحشةٌ تملأُ الفؤاد وغمُّ ... راسخٌ في جوانحي لا يريمُ
لا الأخ البَرُّ يا أبي فيه للنف ... س سلوٌ ولا القريب الحميم
أنت ظلّي الظليلُ في العيش إمَّا ... لفحتني أو لوَّحنتي السَّموم
أنت ركني، لا قوَّض الله ركني ... وملاذي البرُّ الحفيُّ الرحيم
يا أبي حال بعدك الأنس في الد ... ار فأضحى وهو الأسى والوجوم
كيف تمسي، ترُى وكيف تصبح فالس ... جن ثقيل على النفوس أليم
ليت شعري هل كفَّ عنك مضيض الس ... قم أم أنت موجع مكظوم
يا لقلبي وكيف جسمك في القُرِّ ... فعهدي به معنَّى سقيم
أبا دفء المهاد يجفوه جنبي ... ويح لي، كيف يزدهيني نعيم؟
ويح لي، كيف أنشد الخفض ... واللين وأنت المقيد المحروم
يا أبي كلما تدلت سجوفُ الليل ... فالليل مدلهمٌ بهيمُ
وغفتْ أعين، وقرتْ نفوس ... حشوها خِسةٌ وطبع لئيمُ
زيَّن اللؤمُ قبحَ ما أبرمته ... من أمورٍ، واللؤم خلق ذميم
فاستراحت لمخزيات فِعال ... هي عند الأحرار إثم عظيم
تشتري الذلّ بالكرامةِ فاعجب ... كيف يرضى ذلّ العبيد (زعيم)
راح يُزهى تيهاً بعارية المنصب ... يغريه صدره الموسوم
كل شؤم كانت بلادي بمنجًى ... منه لولا وسامه المشؤوم
أًرَّقتني ذكراك، والليل للذ ... كرى كتاب مفسِّر مرقوم