للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحديث المحمدي]

لمحة من تاريخه

للأستاذ محمود أبو رية

(عن لنا أن نبحث عن تاريخ الحديث، وبعد درس طويل تهيأ

لنا من هذا التاريخ كتاب سنقدمه للطبع وهذه كلمة صغيرة

عنه)

(أبو رية)

لما أنشأت أدرس ديني درس العقل والفكر بعد أن أخذته للقيناً من نواحي العاطفة والتقليد رأيت أن أرجع إلى مصادره الأصلية ومراجعه الأولى، ولما وصلت من دراستي إلى كتب الحديث كنت أجد فيها بعض أحاديث لا تسكن نفسي إليها ولا يطمئن قلبي لصحتها، ذلك بأنها تحمل من المعاني ما لا يقبله عقل سليم أو يقربه علم ثابت أو يؤيده حس ظاهر أو كتاب متواتر، وكنت أجد مثل ذلك في كثير من الأحاديث التي شحنت بها كتب التفسير والتاريخ وغيرها.

وكان أكثر ما يثير عجبي أني إذا قرأت كلمة لأحد أجلاف العرب أهتز لبلاغتها وتعتريني أريحية من جزالتها، وإذا قرأت بعض ما ينسب إلى النبي من قول لا أجد له هذه الأريحية ولا ذلك الاهتزاز. وكنت أستبعد أن يصدر مثل هذا الكلام المغسول من البلاغة عن نبي الذي كان أفصح من نطق بالضاد. وما كان عجبي هذا إلا لأني كنت أسمع من شيوخ الدين عفا الله عنهم: أن كل الأحاديث التي وردت في كتب السنة قد جاءت بألفاظها ومعانيها، وإن على المسلمين بكل ما حملت ولو كان فيها ما فيها.

ولما قرأت حديث (من كذب على معتمداً فليتبوأ مقعده من النار) غمرتني الدهشة لهذا القيد الذي يبعد أن يأتي من رسول جاء بالصدق وأمر به، على أن الكذب كما قال الحافظ بن حجر: (هو الأخبار بالشيء على خلاف ما هو عليه سواء أكان عمداً أم خطأ).

ظللت على ذلك زمناً طويلا إلى أن حفزني حب عرفان الحق إلى أن أنقب عن تاريخ

<<  <  ج:
ص:  >  >>