أبلغت قراءك ثورة محمود على الأخلاق فتحدث إليه الأستاذ عزام، وسكت محمود حين امتلأ بطنه؛ لكن كان المجلس حافلا بغير محمود من رجال العلم والدين والأدب، فكانوا كلهم لمحمود وعلي عزام. . . وإما كان موضع الجدل أن الأخلاق الفاضلة لا تصلح أن تكون عدة النجاح أن لم تكن عدة الفشل. . . وإن هؤلاء الطيبين الأخيار الذين وصفهم الأستاذ عزام بالقناعة، وخصهم بالرضا، لن يستطيعوا أن يكونوا يوماً ما من رجال المال والأعمال كصيدناوي والبدراوي وعبود
فل نسأل الثائرين عن هذا ثم ننتقل إلى غيره: لم لا تصلح الأخلاق الفاضلة أن تكون عدة النجاح؟ هل يتحدث الواقع الصحيح بهذا؟ لا اظن؛ بل اعتقد دائماً أن فشل الفاشلين لعجزهم أو ضعفهم أو نقصهم يعلل بالفضيلة والأخلاق وإلا فهل خرج إلى ميدان واحد من الحياة رجلان تساوى فهمهما لهذه الحياة، وتساوى تسلحهما لما يبغيان من غاية، وكان أحدهما نبيلا، والآخر فسيلا فنجح الثاني وسقط الأول، أو نجح الثاني اكثر من نجاح الأول بغير فارق إلا فضيلة الأول ورذيلة الثاني؟ لا أظن، فلو كانا في عمل حر ولهما هذا التساوي التام لأكد الواقع أن أي مجتمع مهما اشتد فساده سيجد في فضيلة الأول نوعاً من الدقة والثبات، وسبباً للطمأنينة إليه، ويدفعه كل أولئك إلى الإعجاب به وإيثار معاملته؛ بل لا شك في أن الثاني السافل لن ينجح إلا إذا اصطنع هذه الفضيلة وحقق آثارها بل ادعاها في غير مناسبة كما هو شان أعداء الفضيلة دائماً. ولو تخلفت هذه النتيجة فنجح النذل أو زاد نجاحه لغير فارق آخر بين الرجلين فما أظن هذا يكون إلا عن نسبة من الندرة تؤكد القاعدة ولا تهدمها؛ وأنا كفيل بان تجد دائماً في مثل هذه الحالة فارقاً في الكفاية والاستعداد واليقظة وما إلى ذلك
وإن ذهب وهم القارئ - كما ذهب وهم أصحاب هذه الثورة - إلى أن النذل سيصطنع بعد