للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الكفاية والاستعداد أساليب منحطة لا يلوى عليها النبيل، فقد فاته أن يقظة النبيل تقضي عليه باحتياط نبيل لهذه الأساليب، وعمل على كشفها وفضحها، وإلا كان ناقص الاستعداد محدود الفهم لواقع الحياة ونذالة الأنذال، وعاد النقص على استعداده ولم يكن الذنب لفضيلته.

هذا حين يتحد الميدانان؛ لكن الثائرين سيقولون إن الميادين متعددة وسبيلها إلى الوصول مختلفة، وسيتخير النذل أقصرها وأسرعها فيصل في غير مشقة، على حين يكد الفاضل فيصل متأخراً ولا يصل إلا لبعض الشيء. فهب أحدهما اتجر في الغلال أو الأقطان لأنه فاضل، واتجر الثاني في المخدرات أو الرقيق الأبيض لأنه لا يبالي؛ حسن، سيربح الأول ربحاً يسيراً ثابتاً غير مهدد بالتضحية من اجل حمايته أو الوصول إليه لأنه اكشف الوجه واضح الطريق، ربحاً غير مهدد بالمطاردة، غير مهدد بالمخاطرة، غير مهدد بالمرض، وقصف العمر سريعاً؛ وسيربح الثاني ربحاً وافراً سريعاً يبذل غير القليل منه لحمايته أو الوصول إليه، ربحاً مهدداً بالخطر، مهدداً بقصر العمر اثر الجهد والاحتيال والمجازفة بل مهدداً بالموت السريع، والفضيحة العاجلة. . . إلى آخر مالا أزعج القارئ به من آفات تكفي ايسر نظرة متأنية لتبينها وتشهد بان لذة زوجة شريفة من زوجية غير سعيدة اكثر في مجموعها وأقوى في جملتها من لذة مومس هائلة، لا تزيد حياتها في ذلك على بضع سنوات حين تطول حياة الزوجة عقوداً بعد تلك السنين والعملية الحسابية المادية تحدث نتيجتها دائماً لو احسن حساب اللذائذ والآلام، والخسائر والمكاسب بان الفضيلة قد اختيرت لعائدتها فوق ما فيها من النبل، وان ليس الفشل لسبب خلقي بل لغيره دائماً

وهنالك الوظائف والدواوين لجريان الأمر فيها على الهوى واضطراب السياسة قد تظهر ميداناً غير خاضع لهذه القاعدة، ميداناً قد ترتفع فيه نسبة الشذوذ والتخلف لكن حتى هذا الميدان تنتهي فيه النظرة المتأنية إلى تلك النتيجة نفسها، فلو دخله موظفان قد تساويا في كل شيء، واختلفا في الخلقية لم يهن أن ينجح النذل لنذالته لا غير إلا حين يسلك طرائق يأباها الشريف فيتقدم هذا كلما اضطرب الميزان وضعف الرئيس، لكنه تقدم غير مطرد؛ انه تقدم مهدد بمثل ما يهدد تاجر المخدرات أو قريباً منه طفرة سريعة ونكسة غير بطيئة؛ ولا اقل مم ألم الخوف والفزع بعدم ثبات الحالة، وتغير السيد والرأس والناكسة والعجز عن

<<  <  ج:
ص:  >  >>