للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[نفسية المحارب]

للدكتور محمد حسني ولاية

قبل أن أخوض في هذا الموضوع أقول إن السادية هي النزعة إلى إيلام شخص آخر أو القضاء عليه، مصحوبة بشعور لذيذ. وهذا الألم إما أن يكون وليد عامل مادي كالضرب بالسوط، أو معنوي كالتوبيخ والاحتقار. أما الماسوشية فهي على النقيض من هذا، لأنها تنطوي على استعذاب العذاب والألم مادياً كان أو معنوياً.

إن الذي يدعو الإنسان إلى قتل أخيه الإنسان هو النزعة السادية المتحكمة في نفوس البشر جميعاً؛ وليست هذه النزعة غريبة عن نفوس النساء، بل هي مستقرة في أعماقهن بدليل ظهورها في بعض العصبيات، وأحياناً في اللاتي بلغن سن اليأس.

ويحمل كل إنسان - رجلاً كان أو امرأة - نزعة السادية متوازنة مع نزعة الماسوشية؛ ويُبقى الرجل جانباً كبيراً من ساديته في وعيه، فيتسلط على المرأة ويتحكم فيها، ويحاول التسلط على ضعفاء الرجال، والتغلب على صعوبات الحياة. على أنه يكبت في عقله اللاواعي (العقل الباطن) معظم النزعة الماسوشية.

ويحدث عكس هذا في المرأة، لأن وعيها يحملها على الخنوع والاستسلام لبقاء معظم النزعة الماسوشية فيه. وكثيراً ما تبرز النزعة السادية في المرأة عندما تصادف منافسة لها في حب الرجل فتعمد حينئذ إلى الانتقام من أحدهما أو كليهما.

تعني السادية أن يهدم الإنسان سواه ليخلو له الجو ويستأثر بالحياة. فهي نزعة مقترنة بالرغبة في الحياة والسيطرة. أما الماسوشية، فتعني أن يهدم الإنسان نفسه. فهي وثيقة الصلة بغريزة الموت، وتستقر غريزة الحياة في عقلنا الباطن جنباً إلى جنب غريزة الموت؛ ولهذا الجانب من التمثيل المعنوي جانب مادي يقابله، فغريزة الحياة تمثلها الغدد الجنسية التي تفرز العناصر الحيوية الأولى. أما غريزة الموت، فيمثلها الجسد الذي مآله إلى البلى!

ولا يلجأ الإنسان إلى عداء الإنسان إلا إذا أمعن في كبت النزعة الماسوشية، وأبرز في الوعي كل الطاقة النفسية المتعلقة بالسادية.

يؤدي العرف في أوقات السلم إلى أن يكبت الرجل شطراً من ساديته لينسجم مع المرأة

<<  <  ج:
ص:  >  >>