نشرت الصحف في المدة الأخيرة أن وزارة المعارف قررت تكليف بعض المؤلفين وضع كتب في سير أبطال الإسلام، وعهدت إلى بعض المترجمين ترجمة مؤلفات أجنبية إلى اللغة العربية
ولا شك أن عناية وزارة المعارف بنشر الثقافة أمر توجبه عليها مهمتها، إذ الحقيقة التي لا مفر من الاعتراف بها أنه لا يغنى عن البلاد كثرة حملة الشهادات الدراسية فيها، وليس مما يشرفها أن يقال في التدليل على انتشار التعليم إن الناجحين في امتحان شهادة كذا بلغ عددهم كذا ألفاً. ولكن الذي يدل دلالة حقيقية على انتشار التعليم أن يقال إن أحد المؤلفات قد بيع منه كذا ألفاً. فهذا وحده هو القياس الصحيح الدال على أن التعليم انتشر انتشاراً حقيقياً كان له أثره في أمرين لا غنى عنهما في كيان أمة، أولهما انتشار الثقافة وسريانها سرياناً طبيعياً اختيارياً تتكيف به حياتها الفكرية، وثانيهما عيالة طبقة من المؤلفين
أما أن تقتصر الحياة العلمية على البرامج الدراسية وتحصيل الشهادات فحالة سطحية مصطنعة. وقد شعر المفكرون منذ مدة بعدم كفاية هذه الشهادات في تكوين الحياة الفكرية، بل لقد نزل مستوى التعليم لدى حامليها، وفطنت الأمة إلى ذلك بعد أن قطعت شوطاً بعيداً في الإكثار منهم. كما تبين أن من أكبر أسباب ضعف التعليم المدرسي عدم وجود المؤلفين والباحثين الذين يتغذى التعليم بمؤلفاتهم وبحوثهم، وتقوم الحركة العلمية على جهودهم قياماً مستقلاً يرفعها إلى حيث تمد البرامج بعناصرها وتنشئ المثل الفكرية العليا نشأة قائمة بذاتها مما يجعلها أساساً للتعليم والتطبيق بدلاً من أن تكون مقصورة عليهما
ولا شك أيضاً أن مساهمة وزارة المعارف في زيادة الثروة الفكرية على النحو الذي انتحته لا تخلوا من فائدة، ولا سيما إذا أحسنت الاختيار وتوخت ملء فراغ، كما فعلت في سير أبطال الإسلام، وفي ترجمة كتاب هانوتو في تاريخ الأمة المصرية
إن أولى الكتب بالنقل إلى العربية وأحقها بالجهود المحدودة التي في طاقتنا في الوقت الحاضر الكتب التي لا تفقد شيئاً من معانيها إذا هي ترجمت إلى لغتنا، والتي تتسق مع حياتنا الفكرية في المرحلة التي نجتازها الآن. أما مؤلفات شكسبير وإضرابه من أعلام