البقايا من الإنسانية الباقية على وثنياتها وخرافاتها وانقطاعها عن حياة العلم والدين.
دع عنك المؤثرات الطبيعية والصناعية التي جعلت الرجل الأبيض يهمل في واجباته نحو إخوانه من بني البشر هذا الإهمال وتعال معي ننظر إلى نعم الله على القومية العربية حيث وضعها هذا الوضع الوسط العجيب بين أجناس الناس وبقاع الأرض. . .
إن وضعها هكذا من الخليج الفارسي إلى المحيط الأطلسي وسطاً بين أمم الشرق والغرب والشمال والجنوب لتلتقي عندها الألوان والأجناس والدماء والأجواء والثقافات والحضارات والطباع والأمزجة، فتأخذ قلوبها من جميع القلوب، وعقولها من جميع العقول، وأجسامها وألوانها من جميع الأجناس والألوان، ثم يمتزج كل أولئك ويصهر في طبيعتها المعتدلة ويخرج للناس بعد هذا ثقافة نفسية وسياسية يلتقي عليها الشرق والغرب لقاء يحطم القيود ويجتاز الحدود. لأن فيها من كل جنس رفداً، ومن كل عقل مدداً، ومن كل قطر ورداً. . .
فإذا خاطب الله برسالته الأخيرة وكلمته الخاتمة هذه الأمة التي في مركز الأرض فإنما يخاطب البشرية جمعاء متمثلة في هذا الجنس
وإذا خاطب العربي المتحضر أمم الشمال والغرب المتحضرة، أخذوا عنه خطابه وعقلوه لأن فيه مسحة من بياضهم وثقافتهم، ولأنه أقرب الأجناس إليهم وأكثرها اختلاطاً بهم
وإذا خاطب العربي المتبدي أمم الجنوب والشرق، أخذوا عنه وعقلوا منه، لأن فيه بساطتهم ومعارفهم، ولأنه من أقرب الأجناس إليهم وأكثرها اختلاطا بهم
وتلك نعمة عظمى حتم على العرب أن يتفطنوا لها ويبنوا جهادهم ورسالتهم عليها ويدركوا امتنان الله عليهم بها في قوله:(وكذلك جعلناكم أُمةً وسَطاً لتكونوا شهداءَ على الناسِ)