كتابا الحيوان، والبيان والتبيين هما أهم ما للجاحظ من الآثار التي وصلتنا، والتي انتفع بها الكتاب والأدباء، ولقد كان اليوم الرابع للقول في هذين الأثرين الكبيرين، وكان درس الحيوان منوطاً بالأستاذ (كراوس) وكان الكلام في البيان والتبيين على الأستاذ مصطفى السقا.
وقد تكلم الأستاذ كراوس عن الحيوان كلاماً مستفيضاً فوضح غرضه وأهميته، وأهتم كثراً بتحقيق الصلة بينه وبين كتاب الحيوان لأرسطو فقال: إن أبا منصور البغدادي قد ذكر إن الجاحظ لم يعمل شيئاً إلا أن سلخ معاني كتاب الحيوان لأرسطو، ثم ضم إليه ما ذكره المدائني من حكم العرب وأشعارها في منافع الحيوان، وكان البغدادي هذا يطعن على الجاحظ، وكان كثير النيل منه، فقوله قول خصم لا يصح أن نقبله على علاته، ونحن وإن كنا نعتقد أن الجاحظ قد أتصل بالثقافة اليونانية ووقف على آراء أرسطو في الحيوان، إلا أننا نعتقد أنه ألف كتابه ليعارض كتاب أرسطو، وليقيم الدليل للشعوبية على إن العرب أصحاب علم ومعرفة كسائر الأمم، وقد أشار الجاحظ إلى ذلك إذ يقول في مقدمة الحيوان:(وهذا كتاب تستوي فيه رغبة الأمم، وتتشابه فيه العرب والعجم، لأنه وإن كان إعرابياً، وإسلامياً جماعياً، فقد أخذ من طرف الفلسفة، وجمع معرفة السماع وعلم التجربة، وأشرك بين علم الكتاب والسنة. وبين وجدان الحاسة وإحساس الغريزة، ويشتهيه الفتيان كما تشتهيه الشيوخ، ويشتهيه الفاتك كما يشتهيه الناسك، ويشتهيه اللاعب كما يشتهيه المجد، ويشتهيه الغفل كما يشتهيه الأريب)
ولذلك كان الجاحظ يهتم كثيراً بحشد أشعار العرب وأقوالهم وحكمهم في الحيوان، كما كان يهتم بالسخر من أقوال صاحب المنطق والضحك منها، فالبغدادي قد غبن الجاحظ وتجنى