للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أستاذ الدعاة وزعيم المصلحين]

شيخ الإسلام ابن تيمية

- ٢ -

للأستاذ عبد الجليل السيد حسن

جهاده:

عاش ابن تيمية في أواخر القرن السادس الهجري وأوائل السابع، وقدمني العالم الإسلامي بكارثتين عظيمتين، لولا متانة أركانه لأتت عليه: الكارثة الأولى هي الحروب الصليبية، والثانية: هي الغارة التترية البربرية، وفي هذه المدة كانت الحروب الصليبية قد انتهت، وبدأت غزوات التتر تكثر وتشتد وتتوزع حتى عمت العالم الإسلامي.

ورأى ابن تيمية كل ذلك، وشاهد هذه الاغارات، وما كان في طوق مثله أن تمر عليه هذه الأحداث ولا يلقى إليها بالا كغيره من علماء هذا العصر الذين شغلتهم مناقشات لفظية لا طائل تحتها؛ وهو العبقري الذي تتلخص روحه في أنه غيور إلى أقصى حدود الغيرة على الإسلام والمسلمين؛ فوحد إلى أقصى حدود التوحيد في العقيدة مع كل ما يتبع هاتين الخصلتين من توابع.

انغمس ابن تيمية في تيار السياسة الإسلامية لأنه رأى أن حال المسلمين لن تستقيم. ما دامت سياستهم مموجة والإسلام عنده دين ودولة؛ وأبرز جوانبه السياسية العلمية دائب الحركة، يذهب إلى الأمراء والسلاطين، يستحثهم على الجهاد في سبيل الله، فيوما في مصر ويوما في الشام، ويوما عند هذا الأمير ويوما عند ذاك يذكى بروحه روح الجهاديين القواد والجند؛ يقف في المعركة فتارة يصول بسيفه، وأخرى يشجع الهالع ويثبته ويبشره ويظهر للناس فضل الجهاد ويحثهم عليه. هو قائد ملهم، يحارب في فتح (عكة) حتى يقال إنه بمشورته وفعله؛ فتحتها المسلمون.

يفتح التتار بقيادة (غازان) ملك التتار حينذاك - دمشق - ويعلم ملك الكرج، وهو أعدى أعداء الإسلام بذلك فيبذل لغازان النصار كي يمكنه من المسلمين في (دمشق)؛ ويعلم الشسخ بذلك، فيثور ويهب يبث الحماس في نفوس المسلمين، ويشجعهم ويمنهم بالنصر

<<  <  ج:
ص:  >  >>