والظفر؛ ويروح بجمع الكبراء والوجهاء للذهاب إلى غازان، وهنا تتجلى قوة الشيخ وشجاعته التي قل نظيرها في التاريخ.
. . . تقدم الشيخ الجماعة؛ فلما حضروا مجلس غازان وقدم الطعام، رفض الشيخ أن يأكل دون الجماعة، فقيل له (لم لا تأكل؟ فقال الشيخ: (كيف آكل من طعامك وكله مما نهبتم من أغنام الناس، وطبختموه بما قطعتم من أشجار الناس. .!!).
. . . جلس الشيخ. . فكان يقرب من غازان سلطان التتار، وخليفة جنكيز خان، حتى تكاد ركبته تلاصق ركبته. . ويتكلم الشيخ فيعلو صوته على صوته؛ ورغم كل ذلك كان غازان مصغيا إليه مقبلا عليه، وأخذ الشيخ محدثه في كيف يسلط ملك الكرج على المسلمين، وللمسلمين حرمة، ودمهم حرام، وأخذ في وعظه وتذكيره وكان غازان قد أسلم، وهو أول من أسلم ن سلاطين التتار وطفق الشيخ يخاطبه بعنف وثبات أدهش غازان وأرهبه. . يقول الشيخ له (أنت تزعم أنك مسلم، ومعك قاض وإمام وشيخ ومؤذنون - على ما بلغنا - فغزوتنا، وأبوك وجدك كانا كافرين، وما عملا ما عملت، عاهدا فوفيا، وأنت عاهدت فغدرت، وقلت فما وفيت وجرت).
ريع غازان بهذا الشيخ الجريء المهيب فسأل: من هذا الشيخ فأنى لم أر بين العلماء مثله، ولا أثبت قلبا منه، ولا أوقع من حديثه في قلبي، وما رأيتني أعظم انقيادا لأحد منه فدل على مكانة الشيخ وعلمه، وقد أجاب غازان الشيخ إلى ما طلب، فحقنت دماء المسلمين.
ولما هم بالانصراف طلب غازان منه الدعاء. . فقال الشيخ في دعائه:(اللهم إن كنت تعلم أنه إنما قائل لتكون كلمة الله هي العليا وجاهد في سبيلك، فأن تؤيده وتنصره، وإن كان للملك والدنيا والتكاثر فأن تفعل به وتصنع). . فكان يدعو عليه وغازان يؤمن على دعائه (يلاحظ أن التخاطب بينها كان عن طريق المترجم) وخاف من كان معه، واضطربوا حتى أنهم كانوا يجمعون ثيابهم خوفا من أن يقتل فيطرطش بدمه.
وفي عام سبعمائة رجع غازان للاستيلاء على الشام؛ فطار الشيخ على البريد إلى مصر واجتمع بأركان الدولة وحثهم على الجهاد، وحض عليه، ودعا الناس إليه، وأخذ يخطب في مصر مذكرا الناس بالجهاد وفضله، وبما ورد في ذلك من الآيات والأحاديث.
رجع الشيخ إلى دمشق. . ولكن معه جيش من الغزاة المجاهدين، لملاقاة الأعداء الذين