للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[١ - فساد الطريقة]

في كتاب النثر الفني

(عدم الدقة)

للأستاذ محمد أحمد الغمراوي

أردنا بما قدمنا من أمثلة لتناقض صاحب الكتاب أن ندل على فساد تفكيره. وورود مثله في أي بحث بل في أي كلام كاف في إسقاطه، فلا يقام له وزن في ميزان الحق والصواب. لكنا لا نريد أن نقف عند هذا، بل نريد أن ندل أيضاً على فساد طريقته، لأنه قد جمع فساد الطريقة إلى فساد التفكير

وسنبدأ من عيوب طريقته بعيب يمت إلى سوء التفكير بسبب وثيق، ذلك العيب هو عدم الدقة. وصاحب الكتاب يعلم أن الدقة أول شروط البحث، وأن مراعاتها أول ما يجب على الباحث. وما أظنه إلا قد اجتهد أن يكون دقيقاً: دقيقاً في التفكير، دقيقاً في التعبير، دقيقاً في الفهم، دقيقاً في الاحتياط لما يظنه الحق. لكن أخطأه التوفيق أو أعوزته المقدرة في كل هذا، فلم تنجه محاولة الدقة في التفكير من الوقوع في التناقض الذي رأيت، وأسلمته محاولته الأخرى إلى ما سترى

وسأبدأ من الأمثلة بمثل جامع أو شبه جامع لعدم الدقة في كل هذا. ذلك أن صاحب الكتاب أراد أن يحكم في مسألة الشعر والنثر أيهما أفضل فقال من صفحة ٢٥

(أحب أن أدون رأيي في الفرق بين منزلة الشعر ومنزلة النثر، وهو رأي لم أسبق إليه: رأيي أن الموضوعات هي التي تحدد نوع الصياغة؛ فهناك مواطن للقول لا يصلح فيها غير النثر ومواطن أخرى لا يصلح فيها غير الشعر. والبليغ الموفق هو الذي يفهم سياسة الفطرة في مثل هذه الشئون)

وأراد أن يضرب مثلا يوضح معناه. فهل تظنه جاء بشعر لا يصلح لموضوعه النثر، أو بنثر لا يصلح لموضوعه الشعر؟ لا هذا ولا ذاك، بل جاءك بمحاورة بينه وبين المسيو مرسيه في مغزى عدول معاوية رضى الله عنه عن سجعه كان أملاها على كاتبه، فأخطأ كلاهما الصواب كما سنبينه في موضعه، وأخطأ هو في الاستطراد. ثم قال تماما للتوضيح:

<<  <  ج:
ص:  >  >>