للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٢ - الأحلام]

للفيلسوف الفرنسي هنري برجسون

بقلم الأستاذ ألبير نادر

سبق أن ذكرت حلماً مشهوراً، وهاكم حلما آخر ربما رآه الكثير منكم. موضوعه أن يشعر الإنسان بأنه يطير ويرفرف ويمر بالفضاء دون أن يلمس الأرض. فإذا ظهر هذا الحلم مرة ففي الغالب يحاول أن يظهر مرة أخرة، وفي كل مرة تقول: (كثيراً ما حلمت أني أطير فوق الأرض، ولكنني في هذه المرة مستيقظ تماماً - الآن أعرف وسأبين للآخرين - أنه يمكننا أن نتحرر من قانون الجاذبية. فإذا استيقظت فجأة أظن أنك تجد الآتي: تشعر بأن قدميك فقدتا نقطة ارتكازهما، بما أنك كنت متمدداً فعلاً. ومن جهة أخرى اعتقادك بعدم نومك هو عدم شعورك بالنوم. كنت تقول في نفسك إنك لم تلمس الأرض بالرغم من أنك كنت واقفاً. هذا هو الاعتقاد الذي كان يزيده فيك حلمك في الحالات التي تشعر فيها أنك تطير. لاحظ أنك تظن أنك تقذف بجسمك إلى الجانب يميناً أو شمالاً وأنت ترفعه بحركة ذراع فجائية كأنها ضربة جناح، ولكن هذا الجانب هو نفسه الجانب الذي كنت نائماً عليه، استيقظ تجد شعورك بمجهودك لتطير هو نفس الشعور بضغط الذراع والجسم على السرير، وضغط الذراع والجسم هذا إذا فصل عن سببه لم يعد إلا شعوراً غامضاً ناتجاً عن التعب وسببه المجهود. وإذا ارتبط هذا الشعور بالضغط باعتقادك بأن جسمك ترك الأرض، يتحول هذا الشعور إلى شعور واضح بمجهود للطيران

من المهم أن نلاحظ كيف أن احساسات الضغط عندما تصعد إلى الحقل البصري وتستفيد من الغبار المضيء الموجود فيه يمكنها أن تتحول حينئذ إلى أشكال وألوان. حلم ذات يوم ماكس سيمون أنه أمام كومتين من قطع الذهب، وأن هاتين الكومتين غير متساويتين، وكان يحاول أن يسويهما ولكن عبثاً. فشعر بانقباض شديد، وازداد هذا الشعور من لحظة إلى أخرى حتى أيقظه. فلاحظ حينئذ أن ساقاً من ساقيه كانت معاقة بثنايا الغطاء، وأن قدميه لم تكونا في مستوى واحد، وكانت كل واحدة تحاول عبثاً الاقتراب من الأخرى، فبدون شك نتج عن ذلك شعور مبهم بعدم المساواة، وانتشر في الحقل البصري حيث قابل (وهي النظرية التي أقدمها) نقطة صفراء أو أكثر، وظهر على شكل بصري بواسطة عدم التعادل

<<  <  ج:
ص:  >  >>