هذا بين كومتي قطع الذهب. فيوجد إذاً في باطن الاحساسات اللمسية أثناء النوم استعداداً لكي تتحول إلى احساسات بصرية وتدخل على هذه الصورة في الحلم
وأهم من هذه الاحساسات الخارجية احساسات اللمس الداخلي الناتجة من جميع أجزاء الجسم، لا سيما الحواشي. فالنوم يمكنه أن يمنحها، أو بالأحرى أن يهبها دقة وحدة فريدتين، أن هذه الاحساسات موجودة بدون شك زمن اليقظة، ولكننا نكون غافلين عنها بسبب الحركة لأننا نعيش حينئذ خارجاً عن أنفسنا، ولكن النوم يجعلنا نعود إلى أنفسنا
يتفق أن بعض الأشخاص المعرضين لالتهاب الحلق أو الغدد يشعرون بأن هذه النوبات انتابتهم ضمن حلم، ويشعرون حينئذ بوخزات مؤلمة جهة الحلق. وعند ما يستيقظون يقولون إنها وهم وحسب؛ ولكن مع الأسف سرعان ما يتحقق هذا الوهم. يذكرون أن أمراضاً وعوارض خطيرة مثل ذبحة صدرية ونوبة قلبية. . . كانت قد ظهرت وتنبأ عنها في الحلم. فلا نندهش إذا رأينا فلاسفة مثل شوبنهور يقولون إن الحلم يشخص أمام الوجدان اهتزازات صادرة من الجهاز العصبي السمبثاوي، وإذا رأينا علماء نفس مثل شرنر يقولون إن كل عضو له مقدرة خاصة لينتج أحلاما نوعية تمثله تمثيلاً رمزياً، وأخيراً إذا رأينا أطباء مثل أريتج يكتبون مجلداً عن (قيمة الأحلام وما تنبئ به)، وعن طريقة استعمال الحلم لمعرفة نوع الأمراض، وحديثاً بين تيسيه: كيف أن خللاً في الهضم، أو في التنفس، أو في الدورة الدموية، يظهر في أحلام معينة
خلاصة ما تقدم: أننا أثناء النوم الطبيعي لا تكون حواسنا مقفلة تماماً للتأثيرات الخارجية. نعم إنها حينئذ لا تكون على نفس الدقة التي لها زمن اليقظة، بل عوضاً عن ذلك تصادف كثيراً من التأثيرات الشخصية التي لم نكن نشعر بها أثناء اليقظة عندما كنا نتحرك في عالم خارجي مشترك لجميع الناس، ولكنها تظهر أثناء النوم حيث أننا لا نعيش عندئذ إلا لأنفسنا فقط. ولا يمكننا أن نقول إن إدراكنا يتقيد عندما ننام بل بالعكس فالإدراك يوسع حقل عمله في بعض الاتجاهات على الأقل. نعم إنه يفقد دقة ما يكسبه في التوسع لأنه يأتي إلا بالمسهب والمبهم مما يدل على أننا نصنع الحلم بواسطة إحساس حقيقي
كيف نصنع الحلم؟ إن الاحساسات التي نستخدمها كمادة تكون مبهمة وغير معينة. لنأخذ مثلاً الاحساسات التي تبدو في الصف الأول أي البقع الملونة التي تتطور أمامنا عندما