وهذا كتاب آخر نقدمه إلى قراء مجلة الرسالة الغراء أصدرته المطبعة المراكشية حديثا لمؤلف شاب استهل إنتاجه العلمي بهذا الكتاب الذي يقول عنه إنه حلقة من سلسلة (العصور الذهبية المغربية) التي اعتزم إصدارها
وقد كتب المؤلف كتابه عن شخصيه وعصر. فصاحب الترجمة هو المنصور يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن الموحدي، شخصية فذة في تاريخ مراكش، استطاع الكاتب أن يجعل من تاريخ حياته عصرا يتميز في خططه السياسية والحربية ويتميز في حياته العلمية والفكرية، وبذلك اصبح عصره هذا جديرا بالدراسة والتأليف.
وقد وصل المنصور إلى الخلافة عقب وفاة والده يوسف بن عبد المؤمن عند رجوعه من حرب البرتغال، فتحمل المنصور الأمانة وهو شاب لا تقوى ساعداه على تحمل المسؤولية، وكانت أمانة الملك ثقيلة أعبائها التي تركها له والده: كان البرتغاليون والاسبانيون يغيرون على أطراف المملكة الإسلامية في الأندلس، وكان من الموحدين أن يردوا هذا الاعتداء بصفتهم الحارس الأمين على دولة الإسلام في تلك البقاع. وكان ابن غانية - وهو الذي لقب من نسل المرابطين - يريد أن يرجع دولتهم، فبدأ بمحاربة الموحدين في جزر البليار، ثم انتقل إلى الجزائر وتونس، محاولا أن يكون دولة مرابطية جديدة، وأن يقضي على دولة الموحدين. وكان هناك بعض أعمامه واخوته ينقمون عليه أنه تولى الخلافة وهو أصغرهم، ويرجعون ذلك إلى المصادفة التي جعلته يحضر الغزوة التي توفي فيها أبوه متأثرا بجراحه.
كان على المنصور أن يواجه هذه الأعباء بلباقة وحزم، حتى يستطيع أن يحتفظ بإمبراطوريته الواسعة، التي تمتد إلى الأندلس شمالا، ثم إلى شمال أفريقيا، بما في ذلك طرابلس وبرقة غربا. ولذلك كانت حياته سلسلة من المعارك الطاحنة التي اشترك فيها