الجيش والأسطول، فقد غزا الأندلس عدة مرات، وكانت اشهر معركة خاضها هي معركة الأراك سنة ٥٩١هـ تلك المعركة التي تذكرنا بمعركة الزلاقة في عهد يوسف بن تاشفين، فقد انهزم حماة النصرانية في الأندلس في كلتا المعركتين واستتبت سيطرة المراكشيين على الأراضي الإسلامية هناك
أما علي بن غانية، فقد كان خصما عنيدا لم يكن من السهل القضاء عليه، وخاصة بعد ما استولى على بجاية في الجزائر، واخذ من رجال الصحراء جيشا قويا ليحمي به مملكته الجديدة، ويعيد بها مجد أجداده المرابطين، ويقضي على مملكة المنصور. ولكن المنصور تعجل الأمر فبعث إليه جيشا مكونا من عشرين ألف مقاتل أردفه بأسطول ضخم تحت قيادة أحمد الصقلي امهر القواد البحريين في ذلك العصر. ولم يفد ابن غانية التجاؤه إلى الصحراء ثم فراره أخيراً إلى تونس، فقد تتبعه المنصور في معركة أخرى كان من نتائجه أن استولى على كل هذه البلاد، وقضى على خصمه الألد، بل قضى على اتباع قراقوش الذين كانوا يساعدونه. وبذلك خضعت الإمبراطورية كلها لرئيسها الأعلى المنصور الموحدي
أما العقبات التي أثراها أعمامه واخوته الذين تأخروا عن مبايعته، أو أرادوا أن يثورا عليه أثناء مرضه، فقد عالجها المنصور بلباقة وحزم، جعلت أعمامه يخضعون، وجعلته يتمكن من أخيه الذي حاول الثورة ويقضي عليه بسهوله
ذلك هو الجانب السياسي والحربي من حياة المنصور؛ بيد أن هناك ناحية أخرى في حياته لا تقل روعة عن هذا النجاح الحربي، تلك هي ناحية العلم والإصلاح. فقد كان المنصور عالما يعقد المجالس للعلماء ليساجلهم فيما يعرضون من أفكار وآراء، وقد كان من ابرز علماء هذه المجالس ابن رشد الفيلسوف وابن زهر الطبيب. وكان ذلك أديبا وشاعرا، كما كان فقيها ومحدثا. وبذلك اصطبغ عصره بالصبغة العلمية التي جعلته من أزهى عصور التاريخ المراكشي. ونزعة المنصور الإصلاحية واضحة التأثير في العصر الذي نتحدث عنه، فقد وجه جهوده إلى القضاء على كل السباب الفوضى الإدارية والقضائية والاجتماعية، كما وجه همته إلى محاربة الأمية، فجعل التعليم إجبارياً للذكور والإناث، ويكفي أن نقول أنه حارب فكرة عصمة المهدي (مؤسس الدولة الموحدية)، وهي التي قامت