بقيام الخلافة العباسية تبدأ صفحة جديدة في تاريخ العلويين تختلف تمام الاختلاف عما ألفناه في عهد بني أمية؛ فهم في هذه المرة يلجون إلى وسيلة جديدة لمناهضة أعدائهم وتحقيق أغراضهم.
هذه الطريقة الجديدة هي الانتشار في الأقطار الإسلامية بعيداً عن العاصمة وعيون الخلافة ومحاولة إنشاء خلافة علوية.
وربما كان العلويون في ذلك قد اهتدوا بهدي العباسيين عندما بعثوا بدعاتهم إلى البلاد الشرقية ولا سيما خراسان حيث نمت دعوتهم وترعرعت. وإذا كانت الخلافة العباسية قد وجدت من الظروف والملابسات ما ساعدها على القيام في المشرق فإن العلويين قد وجدوا في بلاد المغرب ظروفاً أخرى مشابهة ساعدتهم على تحقيق أغراضهم؛ فهي بعيدة عن مركز الخلافة بعداً كافياً يساعدهم على العمل والحركة بالإضافة إلى ما كان يسود تلك الجهات من تذمر بين اهلها الذين رأوا الغبن ينزل بهم رغم ما أبدوه من مساعدة فعالة للعرب في فتوحاتهم في أسبانيا، ولكنهم لم يقاسموهم الأغنام بل ولم يخفف الولاة ما كانوا يفرضونه عليهم من ضرائب. وبجانب هذا كله كانت النزعة الاستقلالية عند البربر في شمال أفريقية مازالت متحفزة تتحين الفرص لإظهار نفسها. وقد عانى العرب الكثير من جراء ذلك في سبيل إخضاع هذا الإقليم. لذلك كان أهله على استعداد للترحيب بأي داع للخروج على الخلافة العباسية في بغداد، وهذا ما نستطيع أن نعلل به انتشار مذهب الخوارج هناك وبالتالي المذهب الشيعي.
أما متى وكيف وصل الأدارسة إلى المغرب الأقصى وكيف استطاعوا إنشاء دولتهم هناك فهذا ما يمكن تلخيصه في السطور التالية.
على أثر فشل الحركة التي قام بها الحسين بن علي بن الحسن المثلث في عهد الخليفة الهادي تفرق أتباعه ومن بينهم عمه إدريس ابن عبد الله الكامل الذي فر إلى مصر صحبة مولاه وأمينة راشد ابن مرشد الزبيدي ومنها إلى شمال أفريقية بمساعدة الواضح صاحب بريد مصر الذي كان يبطن العقيدة الشيعية. وهناك أخذ يتنقل بين مدن المغرب الأقصى