أمهر اللاعبين هو الذي يعرف بالضبط متى يجب عليه أن ينسحب قبل فوات الأوان
ولكن يبدو أن أحزابنا المصرية لا تؤمن بهذه الحكمة، أولا تعرف كيف تطبقها في الوقت المناسب
قامت هذه الأحزاب جميعاً لغرض واحد، هو الجهاد السياسي لتحقيق الاستقلال. ويقتضينا الإنصاف أن نثبت لها جميعاً أنها قد نجحت - إلى حد ما - في مهمتها، وذلك على الرغم من الأخطاء التي عرضت لها في الطريق، ولكن هذه كلها هنات لا تذكر إلى جانب المهمة الضخمة التي نهضوا لها. . . مهمة الاستقلال
ولقد استغرقت تلك المهمة الضخمة كل نشاط الأحزاب الساسة - ومن حقها أن تستغرقه - فلم يتهيأ لها أن تمد ببصرها إلى أبعد من الغاية السياسية، حتى لقد أهملت في بعض الأحيان الالتفات إلى الجانب الاقتصادي في هذه المهمة السياسية، في وقت تصطرع فيه القوى الاقتصادية في العالم، وتؤثر تأثيراً حاسماً في كل اتجاه سياسي!
وفي خلال هذه الفترة الطويلة، وهي تتجاوز ربع قرن جدت في العالم أمور وأمور، وتغيرت النزعات والاتجاهات، لا بل ولد عالم جديد. . . ولكن أحزابنا المصرية - فيما يبدو لا تكاد تشعر بهذا كله. فهي في عام ١٩٤٥ لا تزال تحصر نشاطها الحزبي كله في دائرة الخصومات الحزبية، بل الشخصية، ولا تزال تنظر إلى المجتمع المصري كأنه المجتمع المرغوب فيه، فإذا فكرت في الإصلاح فيه أجزاء وتفاريق على طريقة الترقيع والتجوير!
ومما لاشك فيه أن هذه العقلية ليست هي التي تستطيع مواجهة العالم الجديد