[هند]
للأستاذ محمود خيرت
ومخلْخَلاتٍ يستبِينَك كلما ... يخطُرْنَ في روض الملاحة عِينا
وقدُودُهنَّ من الرماح وإِن تكن ... في مثل عود الخيزرانة لِينا
كم خلّفت ألحاظُهنَّ نصبْنَها ... شرك الهوى في الآمنين طعينا
يَمَّمْنَ نحو النهر ذات عشِيّة ... بجرارهنَّ ورُحن يستَسقينا
والأرض ترقص تحتهن صبابةً ... والنهر مرتقبٌ يحنُّ حنينا
والبدر يُرسل من سماء جلاله ... نوراً كذرَّات اللجين خَفِينا
ويمُدُّ ظلاًّ خلفهنَّ كأنه ... ذيلٌ فيمشي كلما يمشينا
قد كُنَّ يقطعْنَ الطريق وقد نأى ... بالسير حيناً والتوقُّفِ حينا
والأُنس يكسو حسنهن بشاشةً ... كان الشبابُ بها لهُنَّ مَدِينا
حتى اقتربْنَ فعندما أبصَرْنني ... أجفلْنَ حتى كِدْنَ يستلقينا
وقد انتثرْن على الخميلة أنجماً ... وشرَدْن مني يسرة ويمينا
إِلا فتاةً كالنعيم نضارة ... والظبى جيداً والصباح جبينا
قالت عجيبٌ أن أراك على مَدى ... ما بيننا وقد احتجبتَ سِنينا
فأجبتُها يا هند بُعْدُكِ شفَّني ... ولقد ظللْتُ على هواكِ أمينا
أين الكناس نبثُّ في أركانه ... وجداً بمشبُوبِ الضلوع دفينا
ونُعيد سيرةَ ذلك العهد الذي ... غرسَتْ لياليه الصَّبَابةَ فينا
فتراجعَتْ جَزَاعاً تُكفكِفُ دمعَها ... كالدرِّ فوق الوجنتين سخينا
وقرأْتُ في إطراقها وخُفُوقها ... أن الكناس غدا يضمُّ عرينا
وكأنما خَشِيَتْ عليَّ فطوّقت ... عُنُقي مُسارعةً تئنُّ أنينا
وجرَتْ علَى شفتيَّ منها قُبلةٌ ... حرّاء كان بها السُّعُود ضنينا
إِنّي لأَذكرُها الزمانَ، فعندَها ... نسِىَ الزمانُ وجوده، ونسينا
محمود خيرت