ليس (جوته) بجديد عليك، فقد أغنيت المكتبة العربية مذ نقلت إلى الضاد العزيزة روايته الباقية (آلام فرتر).
وليس (ادوارد شانكس) بجديد عليك، فانك لأعرف بأنه في صدر نقاد الأدب في بريطانيا.
وليس قلمي بجديد عليك، فقد أفسحت له الرسالة الزاهرة صدرها على الدوام. . .
ولكن الجديد هو أن يكتب (شانكس) عن (آلام فرتر)، فيمجدها كل هذا التمجيد الذي يتردد صداه في آفاق الدنيا، بينما يحال بين الطلاب المصريين في مدارس الحكومة وبين الانتفاع بما فيها من الفن الرفيع. ولينظر جمهور الأدب بعد ذلك في أي عصر نعيش؟!
(أ. ف)
أكبر الظن أن كتاباً يصدر بهذا العنوان في أيامنا هذه لا يقدر له حظ من النجاح. ولكن (آلام فرتر) قد ظفرت منذ ظهورها بنجاح فائق، وطافت أرجاء الدنيا باسم شاب في السادسة والعشرين من عمره. بل إن هذه القصة بذاتها قد أبدعت طرازاً طريفاً، واستحدثت مدرسة جذبت مناهجها أتباعاً ومريدين لا حصر لهم. كان الحزن على بطل القصة يستأثر بقلوب معظم؛ بل إن الألوف من شباب أوربا كانوا في وقت ما يجهدون أن يرتدوا من الثياب مثل ما كان يرتدي (فرتر). بل إن بعضهم قد جرى شوطه وانتهى إلى مثل غايته فقتل نفسه!
قرأ (نابليون) هذه القصة سبع مرات؛ واستصحابها طوال أيام مغامرته في مصر، بعد ظهورها بعشرين سنة. وحينما مثل (جوته) بين يديه في (إيرفورت) بعد ذلك باثنتي عشرة سنة أخرى، كان موضوع القصة نفسها أهم الموضوعات في كل ما دار بينهما من الأحاديث. ولقد أبدى الإمبراطور للشاعر أنه هضم القصة هضماً جيداً، وأحبها في إخلاص، مما كان له أثر باق في نفس الشاعر
وإننا لنحاول في هذا الفصل أن نعرض للبواعث التي أوحت إلى (جوته) بتأليف قصته