[الرسم المحترق!]
للأستاذ أحمد فتحي
أَهْدَيتَ لي رسْمَكَ في نشوَةٍ ... منْ صَبْوَةِ الحبِّ وسِحْرِ الغَرامْ
وقد تَفَضَّلْتَ، فَطَرَّزْتَهُ ... باسْمِكَ توقيعاً بديعَ النَّظامْ
مؤَكِّداً لي، أن قَلبْي لَهُ ... فيكَ نظيراً عاشقاً مُسْتَهَامْ
حَفِظتُ للرَّسم حقوقَ الهوى ... وصُنْتهُ في مأْمَن لا يُرامْ
وكنتُ إن جَدَّتْ بنا فُرقَةٌ ... وَعزَّ مَرآكَ وَضجَّ الهيامْ. . .
أَخرجْتُهَ، أَملأُ من حُسنِهِ ... عَيناً جَفاهاَ - في نَوأكَ - المنامْ
أراكَ فيه حاضراً واصلاً ... يؤنِسُني من شَفَتَيكَ ابْتِسامْ
أَضَلُّ أَدعوك بِنجوى لها ... في خاطري لُطْفُ صَفَاءِ المُدَامْ
كأنما رَسمُكَ في راحتيِ ... تميِمةٌ - بالوَهم - تَشفيِ السِّقَامْ
وكم أطالَ الناسُ لي عَذْلَهمْ - فيكَ وكم ذا أسْرَفواُ في المَلامْ
عاصَيتُهم فيك جميعاً، ولم ... يُرْعَ لهم عند غراميِ ذِمامْ!
شُبِّهَ لي ناصِحُهُمْ بُومَةً ... وَصوْتُ حُبيَّ لك شدو الحَمامْ
وقد ظلَلناَ زَمناً لا نَرىَ ... لنا مثيلاً - في الهوى - في الأنام!
نسْموُ بِهِ عن ساَنِحاَتِ المُنى ... فَهيَ عَلينا إن عَدَتهُ حَرامْ!
وما الأَمانيُّ؟ إذا لم تكنْ ... وَصْلَ حبيب في ليالي وئامْ؟!
يا رَحَم اللهُ عهوداً طَوَتْ ... في صَفْحَتَيها الدهْرَ، عاماً فَعامْ!
قد لَقيَ الحبُّ بأكنافِهاَ ... فيْئاً وَريفاً من ظِلالِ السَّلامْ
ظنَنَهْا تَخْلُدُ، إذ لم أَكنْ ... أَحسبُ دُنياَهاَ لغَيرِ الدَّوامْ!
حتى تنكرَّتَ لعهد الهوى ... وسُمْتَهُ - بالغَدرِ - سُوَء الخِتامْ
سَمِعْتُ همساً دارَ حولي بما ... أَثِمْتَ، وأنسابَ إليَّ الكلامْ
فكذّبَتْ أُذُنيَ ما أُسمِعَتْ ... عنك وقالتْ من هراءِ الطغاَمْ
لكنني اسْتَوثَقْتُ من أَنَّني ... خُدِعتُ في ودَّكَ خَدعَ الكرامْ
وأَسفَرَ الحقُّ مُبَينَ السَّنَى ... وأنماطَ عن وَجهِكَ ذاكَ اللثامْ