يحق لدولة الأدب أن تتطلع إلى العهد الجديد، عهد الملك الفتي فاروق الأول، وأن تؤمل أن تجتني من الرعاية والشباب والجدة ما يسبغ عليها قوة جديدة ويحملها إلى آفاق جديدة أوسع وأعظم من آفاقها الحاضرة، وقد كنا وما زلنا نؤمل أن تفتتح الهيئات الرسمية والعلمية العهد الجديد بطائفة من المشاريع العلمية والأدبية الجليلة؛ ومن بواعث الأسف أن الجهات الرسمية لم تفطن إلى أهمية هذه المناسبة السعيدة وكونها من أصلح الظروف لوضع المشاريع الأدبية وترتيب الجوائز العلمية والأدبية، وقد رأينا الأمم الأوربية تتخذ هذه المناسبات لتنظيم الرعاية الأدبية وتنظيم المشاريع والجوائز العلمية الجليلة، ورصد الاعتمادات والهبات لتشجيع الحركة الفكرية وتشجيع الكتاب والمفكرين، وافتتاح العهد الجديد بنوع من الحملة الأدبية والعلمية تسبغ على الحركة الفكرية حياة جديدة. أما في مصر فقد مرت هذه المناسبة الجليلة، مناسبة تتويج الملك الشاب وافتتاح عهده الغض الجديد دون أن تحظى الحركة الأدبية من جهاتنا الرسمية والعلمية بما كان خليقاً أن تحظى به من المشاريع والجوائز؛ ولم يفطن إلى هذه المناسبة سوى دار الكتب المصرية إذ رتبت عدة جوائز أدبية من الكتب للمتفوقين من الطلاب؛ وهذا الإجراء على ما ينطوي عليه من معنى مشكور إنما هو إجراء متواضع كنا نود أن يصدر مثله مضاعفاً من هيئاتنا الرسمية العلمية؛ وقد كان خليقاً بوزارة المعارف العمومية والجامعة المصرية والأزهر ومجمع اللغة أن تنظم جميعاً مشاريع وجوائز علمية تعلن في مفتتح العهد الجديد وتكون عنوان عصر جديد من الأحياء العلمي والأدبي ولكنها جميعاً غفلت عن هذه الفكرة الجليلة. على أن الوقت ما زال متسعاً للتفكير والعمل؛ وما زلنا نؤمل أن تنتهز هيئاتنا العلمية هذه الفرصة لتعمل على شد أزر الحركة الأدبية بصورة عملية؛ وإذا كانت الحركة الأدبية قد حققت لنفسها في العصر الأخير تقدماً يبعث إلى الفخر والرضى، فقد كانت في ذلك مستقلة تعمل من تلقاء نفسها، ولو حظيت بقسط من الرعاية الرسمية لكان تقدمها مضاعفاً، فهل نظفر في العهد الجديد بمثل هذه الرعاية الكريمة؟ هذا ما نرجو، وهذا ما ندعو إليه.