للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[المسألة الإسلامية في الهند]

للأستاذ عباس محمد العقاد

قرأت في بعض الصحف المصرية خطاباً موجهاً إلى السيد محمد علي جناح زعيم الرابطة الإسلامية في الهند لم أر كلاماً أدل على الجهل بالقضية الهندية والتهجم على الشؤون الكبرى بغير علم ولا بصيرة.

ونحن قد ألفنا في صحافة مصر أمثال هذا التهجم العجيب على الشؤون المصرية الخارجية، ولكن التعرض لمشكلة الهند بمثل ذلك الجهل المطبق قد جاوز حدود التهجم المعهود في الصحافة على إطلاقها إن صح أن يكون للتهجم حدود.

فالذين أساءوا الفهم وأساءوا إلى واجب الضيافة في توجيه الخطاب إلى السيد جناح لم يفكروا في موضوع الهند وإنما فكروا في كلمة واحدة وظنوا أن كلمة الهند تقابل كلمة مصر، فهما إذن قضيتان متشابهتان يصدق على إحداهما ما يصدق على الأخرى بلا اختلاف ولا حاجة إلى بحث طويل أو قصير لمواطن ذلك الاختلاف.

وهذا هو الخطأ الأول.

وهذا كذلك هو الخطأ الأكبر.

فمصر غير الهند في كثير من الاعتبارات، ولا سيما اعتبارات القضية السياسية؛ لأن مصر قومية واحدة، تتكلم بلغة واحدة وتشترك في مرافق واحدة، ولا توجد فيها أقليات منعزلة أو قابلة للعزلة في حيز المكان أو في المصالح الاجتماعية.

أما الهند فعلى نقيض ذلك لا تشمل على قومية واحدة بأي معنى من معاني التعريف الحديثة أو القديمة.

فاللغات واللهجات فيها متعددة تتجاوز المائة، وقد شهدنا بأنفسنا ثلاثة أو أربعة من الهنود المتعلمين يجتمعون في مكان واحد ولا يستطيعون التفاهم بينهم بغير اللغة الإنجليزية، لأنهم يتكلمون في بلادهم بلغات شتى تختلف في الأصول، ولا ينحصر الاختلاف بينها في مجرد اللهجات.

واختلاف الأديان هناك أكبر من اختلاف اللغات واللهجات؛ لأن البرهمية وحدها مشعبة الفرق والمذاهب، متعددة الفرائض والشعائر، فضلاً عن البوذية وطوائفها، وعن الفرق

<<  <  ج:
ص:  >  >>