للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فلسطين]

بقلم كنيث وليمامس

سياسة الانتداب في فلسطين سياسة غير عملية، وقد فشلت. وسوف تعاني بريطانيا العظمى منها المتاعب ما بقيت تسير عليها.

هذا رأي وضعي، واقعي، تنبؤي معا، والحقائق أسهل الأشياء إثباتا. وقليل من الإنكليز العارفين بالمسألة الفلسطينية يجادلون في هذه النبوءة. وقد جاءت حوادث أكتوبر الماضي مؤيدة لها. بيد أنه لم تقم قرينة حقيقية على أن سياسة الانتداب مذ بدئ بها سنة ١٩٢٠ قد قبلتها أغلبية السكان الفقراء، بل لقد غص العرب دائما بذلك العهد الذي احتواه الانتداب بالعمل على تسهيل إنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين؛ وليست هناك وسيلة أو ظاهرة من الفوائد المادية التي تزعم الصهيونية أنها تغدقها على فلسطين يمكن أن تحمل العرب على قبوله، فالعرب لا يريدون الانتداب بكل بساطة.

ولكن الساسة الإنكليز لا يؤمنون بهذا، أو على الأقل يتظاهرون بعدم الأيمان به، ويقولون إن عرب فلسطين أقلية ضعيفة ممزقة، وليس لها مميزات عقلية من الوجهة السياسية، ومن هم حتى يجرءوا على مقاومة الانتداب الذي أخذته بريطانيا العظمى على نفسها، والذي حصلت من أجله على مصادقة عصبة الأمم. ثم يقولون إن العرب شعب مشاغب، يشغفون بالتظاهر وإرسال الوفود السخيفة إلى لندن، ويقولون أخيراً: نحن نعرفهم جيداً، فاحكموهم بحزم، ودعوهم يستفيدون من الذهب اليهودي، والزمن كفيل بانضوائهم إلى رأينا.

ولكن ساستنا يخففون من غلوائهم أحيانا، فقد صرح وزير المستعمرات في ٣١ اكتوبر الماضي بقوله: (أريد أن أتحدث إلى الشعب الفلسطيني بجلاء. إن الانتداب يحمل واجبا للعرب واليهود، وسوف نؤدي هذا الواجب تاما عادلا دون خوف أو تحيز. . . وسوف تضع السياسة البريطانية نصب عينها دائما أن تعمل على خير فلسطين كلها). ولا يستطيع وزير المستعمرات أن يزعم أن في كلماته طرافة، فهي على صحتها ودقتها خالية من التعمق وبعد النظر. وقد قال مثلها كل وزير للمستعمرات، ولم تثمر كلها شيئا. ولماذا؟ لأنك لا تستطيع اليوم أن تخدع العرب بالوعود والشروح، فهم يعرفون كل تدليل يمكن أن تقدمه الدولة المنتدبة أو الصهيونية لتأييد التعاون بين العرب واليهود في فلسطين، أو القول بأن

<<  <  ج:
ص:  >  >>