لا حاجة بنا إلى التنويه بانتشار فن السينما حتى طغى على المسرح، ولا بانشغال الناس به، من نظارة يقبلون على ارتياد دوره، إلى ممثلين يعرضون أنفسهم للظهور على شاشته البيضاء، إلى أدباء ينشئون له القصص والروايات
ذلك على حين أن فن السينما لا يزال في مهده لم يشتد عوده، وأن قواعده لم تخرج إلا بقدر من طور مجرد الإحساس بماهيتها إلى طور الاستقرار والتحديد
على أن ذلك القليل من قواعده الذي استقر وتحدد، لا يزال جمهور النظارة يجهله كل الجهل، ولا يزال الأدباء بعيدين عن درسه وهضمه. ولو عرفه الجمهور ولو بعض المعرفة لزاد استمتاعه بمشاهدة آثاره، ولو درسه الأدباء وهضموه لأفادوا منه الغنى ونباهة الذكر
ونحن إذ نكتب هذا الكلام نمثل أمام أعيننا المشاق التي لا بد أن تكابدها الآن شركة مصر للسينما في مراجعة الروايات التي قدمت إليها في المباراة التي عقدتها، ونتصور الجهاد الجهيد الذي يبذله رجالها في درس تلك الروايات وتنسيقها وإعدادها
لذلك وطدنا النفس وعولنا على بيان قواعد فن السينما والتعليق عليها بالشرح والتمثيل على صفحات (الرسالة) الغراء. متوخين الموضوع قبل كل شيء، نابذين المعقد الجاف من اصطلاحاتها، ساعين وراء فائدة أوفر عدد من الجمهور
وقد وقع اختيارنا على كتاب (ف. أ. بودوفكين) عن حرفية الفلم واتخذناه نبراساً نهتدي به في بحثنا، وكنزاً نغترف منه ونجود به على غيرنا
بودوفكين
وإذا اخترنا كتاب بودوفكين، فلأنه - على وضوح معناه وسهولة عباراته - قد فتح به فتحاً هز أرجاء القارتين الأوربية والأمريكية، ولا غرو فقد تضافرت جميع العوامل لتنصيب بودوفكين متشرعاً للفن السينمائي