وقد بحث في ما هية الأوزان، فجعل من المعاني والتخيلات ما تناسبه الأوزان الطويلة ومنها ما تناسبه القصيرة؛ وربما كان الوزن مناسباً للمعنى غير مناسب للتخيل، وربما كان الأمر بالعكس، وربما كان غير مناسب لكليهما. على أن أمثلة هذه مما يعسر وجدوه في أشعار العرب إذ تكون غير موجودة فيها، إذ أعارفهم قليلة القدر، وألفاظ الشعر يجب أن تؤلف من الأسماء المبتذلة ومن الأسماءٍ الأخر يعنى المنقولة الغريبة المغيرة واللغوية، لأنه متى تعرى الشعر كله من الألفاظ الحقيقية كان رمزاً ولغزاً.
ويجب أن يكون الشاعر حيث يريد الإيضاح وألا يخرج إلى حد الرمز كما لا يفرط في الأسماء المبتذلةٍ فيخرج عن طريقة الشعر إلى الكلام المتعارف. وأما موافقة الألفاظ بعضها لبعض في المقدار، ومعادلة المعاني بعضها لبعض، وموازنتها، فأمر يجب أن يكون عاماً ومشتركاً لجميع الألفاظ. وقد يستدل على أن القول الشعري هو المغير أنه إذا غير القول الحقيقي سمي شعراً وقولاً شعرياً ووجد له فعل الشعر، مثال ذلك قول القائل:
ولما قضينا من مِنًى كلَّ حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح