لم أكد ألمح بين مواد فهرس الرسالة الصادرة في ٥ أبريل الجاري هذا العنوان (نعم نملك تحريم تعدد الزوجات) حتى ساءلت نفسي: ترى من هذا الذي تطوع للدفاع عن قضية بينة الخسران؟ وما أن رأيت العنوان مقرونا باسم صديقنا فضيلة الأستاذ الشيخ عبد المتعال الصعيدي حتى إشفاق على المدافع وخشيت عليه مغبة الأمر.
لكن سرعان ما تبددت مخاوفي حين طالعت المقال فوضح لي أن العنوان لا يترجم له. ويخيل إلى أن الأستاذ قد أغرى بمعارضة عنوان مقالاتنا المنشورة بمجلتي (المجتمع الجديد)(والرسالة) تحت عنوان (هل نملك تحريم تعدد الزوجات) فأوقعه ذلك - دون ما قصد - فيما ظنه مأخذاً علينا من عدم المطابقة نين العنوان والمقال. فالأستاذ يقرنا على أن الشرع قد أباح تعدد الزوجات إلى أربع ولم يحرمه بأي نوع من أنواع التحريم، ويؤيدنا في إنكارها علي معالي عبد العزيز فهمي باشا - أسبغ الله ثوب العافية - ما ذهب إليه من القول بأن الشرع يحرّم ذلك، وما ارتكبه دفاعاً عن هذا القول من (تعسف لم يقع نظيره من مسلم) بتأويله آي القرآن بما لا تحتمله، ورده السنن الواردة بالإباحة وتسفيهه الإجماع المنعقد عليها قولا وعملا في جميع العصور. . الخ لكنه (الأستاذ الصعيدي) يرى - مع ذلك - أننا (نملك تحريم تعدد الزوجات، ولكن بطريق ما كان يصح أن يخفى على حضرة صاحب المعالي العالم العلامة عبد العزيز فهمي باشا. .) ولم يبين لنا هذا الطريق صراحة وغن كان قد أشار إليه بما يفهم منه أنه طريق التشريع الوضعي القائم على استعمال ولي الأمر ماله من سلطان على عماله قضاة كانوا أو مأذونين بمنعهم من تحرير وثائق رسمية لعقود الزواج المتضمنة للتعدد أو سماع الدعاوى المترتبة على هذه العقود.
فأن كان هذا معناه - ولا يمكن أن يكون قد عنى سوى - فقد أخطأ القصد إلى التحريم وإلى حقيقة هدف الباشا وما خفي وما لا يخف على معاليه. ذلك أن الطريق الذي أشار إلية قد لجأ إليه الشارع المصري حقيقة في نظائر لتعدد الزوجات تحقيقاً لمقاصده الإصلاحية بما يناسب تطور الزمن وتغيير الأوضاع. ومن هذه النظائر مسائل إثبات النسب، والنفقة، والعدة، وتحديد سن الزواج الذي أشار إلية الأستاذ لكن هذا الشارع لم يتناول هذه الأمور