بتحريم قط، وما كان له أن يفعل إذ الحل والحرمة حكمان دينيان، والحاكم هو الله وحده جل شأنه، وإنما سلك الشارع المصري طريقاً سلبياً لا علاقة له بحل ولا حرمة، وهو كما قدمنا - طريق منع القضاة والمأذونين من سماع بعض الدعاوى وتحرير بعض الوثائق الخاصة بهذه الأمور. فلا ينبني على ذلك أن ينقلب الحرام منها حلالاً أو الحلال حراماً حتى يصح القول بأننا (نملك التحريم) وكل ما هنالك أنه عطل من الآثار المترتبة على هذه الأمور ما يستلزم الوصول إليه قضاء القاضي أو تحرير الوثيقة وترك الناس بعد ذلك أحراراً يتزاوجون ويقر بعضهم لبعض بالنسب ويؤدون لزوجاتهم ما عليهم لهن من نفقات غير مقيدين في ذلك إلا في بأحكام الدين. ويعتبر صحيحاً كل ما ينشئون بينهم من علاقات على هذا النحو، وتترتب عليه جميع الآثار الشرعية عدا ما ذكرنا من الآثار المعطلة. فلو طلق مسلم مصري زوجته ثم ولدت بعد الطلاق بأكثر من سنة ولم ينكر المطلق الولد ثبت نسبه منه شرعاً وترتبت للولد والوالد كافة الحقوق من نفقة وحضانة وولاية وتوارث وغيرها. ولو تزوج من يقل سنه عن ثماني عشرة سنة بمن يقل سنها عن ست عشرة سنة فزواجهما صحيح شرعاً تترتب عليه كافة الآثار الشرعية عدا المعطل منها. وكذلك الحال في باقي الأمور التي سلك فيها الشارع هذا الطريق السلبي.
بل أن العلاقات التي تنشأ من هذا القبيل في حدود الأوضاع الدينية صحيحة قانوناً أيضاَ وتترتب عليها كافة الآثار عدا ما نص على تعطيله. ومن ذلك أن مواقعه الزوج لزوجته التي يقل سنها عن ست عشرة سنة لا تعتبر جريمة، فلو لم يكن هذا الزواج صحيحاً قانوناً لاعتبارات جريمة هتك عرض ولا نطبق على الزوج حكم المادة ٢٦٩ من قانون العقوبات - ومن ذلك أيضاً أن محكمة النقض والإبرام قد أصدرت في ٢٩ نوفمبر سنة ١٩٣٠ برياسة معالي عبد العزيز فهمي باشا نفسه حكمها المشهور بعدم اعتبار ذكر الشهود سناً غير حقيقية لأحد الزوجين في وثيقة العقد مع علمهم بسنه الحقيقية، جناية تزوير بناء على أن واقعة السن ليست من الأركان الأساسية في عقد الزواج لأنه يصح وينفذ وتترتب عليه أثاره الشرعية بدونها.
ولهذه الاعتبارات المتقدمة نرى الشارع المصري يعبر عما تناوله من هذه الأمور بتعبير يتفق وحقيقة ما قصد إليه من معنى سلبي لا يتعرض فيه لحل ولا حرمة، فيقول مثلاً (لا