تحدثت في آخر فصل وقفت عنده (من هذا البحث) عن عالم فلسطين الرياضي الأستاذ قدري حافظ طوفان، ولم أبلغ نهاية التعريف بآثره، لضيق في المجال الذي أعددته (يومذاك) ولذا فإنني أقف اليوم بالقارئ الكريم (وقفة يسيرة)، عند أثر قيم من آثره، وهو كتابه (تراث العرب العلمي) في الرياضيات والفلك. ولعلنا نقدر مبلغ عنايته باخراجه، حين نسمعه يقول في مقدمته:
(شغلت نفسي بهذا الكتاب أكثر من عشر سنين، وهو خلاصة بحث مرهق ودراسات مضنية، اعتمدت فيها على مظان عديدة قديمة وحديثة، عربية وإفرنجية، ومخطوطات نفيسة حصلت عليها بمساعدة بعض الأصدقاء، من القاهرة وطنجة وتطوان والقدس. . .).
وقد جعل الأستاذ (طوقان) كتابه في قسمين، الأول منهما يحتوي على سبعة فصول، ستة منها تبحث في الرياضيات قبل الإسلام، ومآثر العرب في الحساب والجبر، والهندسة والمثلثات والفلك. والسابع يتناول الرياضيات في (الشعر العربي) وهو فصل طريف لعله الأول من نوعه، أحصى فيه ما قاله شعراء العربية في الجاهلية والإسلام من الشعر الرياضي. فأورد شعر (زرقاء اليمامة) في سرب من الحمام، أبصرته فأحصته عدداً فقالت:
ليت الحمام لِيَهْ ... ونصفه قدِيَهْ
إلى حمامتَيهْ ... صار الحمام ميَهْ
وهي مسألة حسابية معقدة (كما ترى)، بسطتها (حذام معجزة الدهر في قوة الأبصار بقالبٍ شعري لطيف.
كما أورد في ذلك الفصل أيضاً، قول الشاعر الرياضي المرح الإمام أبي القاسم البديع الأسطر لأبى حين يتغزل فيقول: